هذا الكاتب أحياناً والصحفي سابقاً والأديب - دائماً -! من مواليد قرية (سدوس) بالمنطقة الوسطى عام 1358هـ، وهو من أسرة معروفة بالعراقة والحسب، نشأ في مدينة (الطائف) في بيت عمه - أميرها - عبدالعزيز بن معمر رحمه الله، ودرس فيها، ولكنه لم يكمل حسب علمي دراسته الثانوية أو الجامعية ، وإنما دخل مدرسة الحياة الكبرى، موظفاً ثم صحفياً في جريدة - الجزيرة - التي رأس تحريرها لفترة محدودة، كما اشتغل بتجارة النشر وغيرها، ويقرأ في كل شيء، فهو من الأدباء الموسوعيين، ومن الأدباء (الجوالين) كالتروبادور! لكثرة تنقلاته وحركته، في الداخل والخارج..
ويقول: إن عمله في الصحافة جعله يقترب من السياسة، ولكنه لم ينغمس فيها، فاكتوى بنارها، وروّع بغولها - كما يقول -! فعاد مسرعاً إلى واحة الأدب يلوذ بها من هجير النار، ويستظل فيها من حر السموم!، ولسان حاله ينشد قول الشاعر:
من منبئ القوم شطت دراهم ونأت
أني رجعت إلى كتبي وأوراقي
ويقول المعمر لنا عندما نتسامر، بأنه هاجر لأوروبا ويسميها الهجرة الأولى في رحلة سياحية وأدبية ودراسية طويلة نسبياً، زار خلالها المتاحف والآثار، ودور الكتب والمخطوطات، وتنقل بين العرصات والأمصار، وشهد الخطرة والوجه الحسن والزمهرير والأمطار!
وقد أسس المعمر مع صديقه الأستاذ: عبد العزيز الرفاعي - رحمه الله - دار ثقيف للنشر والتأليف بالطائف والرياض، وإصدار مجلة (عالم الكتب) وهي دورية محكمة لا تزال تصدر منذ سنين.
وللأستاذ: المعمر نشاط أدبي وصحفي واجتماعي واسع وصداقات كثيرة وعداوات ، وحضور شخصي في المحافل والمنتديات والمجالس والندوات، كما أن له صداقات وعلاقات كثيرة مع أدباء وكتّاب كثر في المملكة والبلاد العربية، وقد أصدر بعض الكتب الصغيرة الممتعة كالبرق والبريد والهاتف، والممرضات والمضيفات، وألقى في نادي الطائف الأدبي محاضرة طريفة بعنوان: إيجار الدار في الكتب والأشعار، كما ألف كتباً أخرى بعضها لم ينشر بعد.
والمعمر يحب الأسفار، وقد وجدته في الصيف ذات مرة في (تونس) قبل ربع قرن، فذهبنا إلى معارفه من الوراقين، وتناولنا الغداء في بيت الناشر(علي بو سلامة) وهو واقع على بحر قرطاج - العاصمة القديمة للفينيقيين، كما هرنا ليلة نابغية في مطعم (المرابط) ومعنا الكاتب الصديق: حمّاد السالمي.
وتربو علاقتي الشخصية بالمعمر على ثلاثين سنة، ومع اختلافي معه في بعض الآراء والقناعات، والمزاج والتوجه مما جعل علاقتنا تتذبذب أحيانا، إلا أنني أحب فيه أدبه وظرفه وخفة ظله، ولو أخلص للأدب والكتابة الساخرة بالذات لأبدع أيما إبداع، كما أنه يجمع معارف شتى، وتجارب كثيرة تؤهله لكتابة السيرة الذاتية أو القص؛ وهو يجيد الرثاء - نثراً في الراحلين، وله مرئيات مؤثرة، لو قرأها الفقيد ربما لا يندم على موته؟!
وفي (تونس) ذهبت وإياه للشاعر الكبير: طاهر زمخشري - رحمه الله - قبل سنوات، في بيته قرب وزارة الفلاحة، وتعشينا عنده، وسجلت معه حواراً صحفياً وأظننا صوّرنا معه، وكانت المطربة الناشئة: عايدة بو خريص ترعاه في بيته وكأنها من بناته، لأنه كان يرحمه الله - مريضاً بداء الفشل الكلوي، ولكنه كان مرحاً مشرق الروح، مضيافاً.
وقد كوّن- المعمر - في الطائف والرياض مجموعة من المتأدبين والأصدقاء سمّى اجتماعهم (عصبة الأدباء) كما انتسب لنادي الطائف الأدبي بعد قيامه، وألقى فيه بعض المحاضرات، وطبع له النادي بعض كتبه اللطيفة.
وأخيراً فإن هذا الأديب - الكاتب، متفرد في شخصيته، وثقافته، وعلاقاته، بل وأسلوب حياته؟!
جدة