الثقافية - خلود العيدان
وجع الخطأ أو القلق من خط أو لون يفسد اللوحة لم يعد المسيطر على ساحة الفنان الرقمي فبيده التعديل والحذف وقلب كل الخطوط وإرجاعها بل وتطويع اللون لسطوته وقراره فقط بكبسة زر، والسرعة والسهولة امتدت لمرحلة نشر العمل التي تبدأ بنقرات متتابعة بيد الفنان لإدراجه عبر منافذ إلكترونية عدة فيشاهده المتابع ،المعجب، الناقد والرافض أيضا. الفن الرقمي بالسعودية كما غيرها من الدول العربية يتطور بسرعة ملحوظة ويجتهد بحثاً عن الأدوات كما أنه مازال يحيط به أسئلة عديدة واستفهامات حول حقيقة الموهبة ومدى تأثير التدريب وهل هل هناك فجوة كبيرة بين معتنقي الفن التقليدي وبين رواد الفن الرقمي أم آن كلاهما واحد. لطالما كان الفن مثاراً للسؤال وستظل الأجوبة بلا نقطة ينتهي بها السطر.
لطيفة راشد فنانة رقمية سعودية من قلب حائل صحبت الفن التشكيلي لعدة سنوات وفي 2009م وقعت في غرام الفن الرقمي ،لفتت الأنظار في عالم الإنترنت حيث يتابع موقعها الإلكتروني www.latifah.me ما يقارب 100 ألف زائر منذ افتتاحه مطلع هذا العام.شاركت مع مجموعة من الفنانات التشكيليات في رسم أكبر لوحة إسلامية تحمل أسماء الله الحسنى باللغتين العربية والإنجليزية في موسوعة جينيس للأرقام القياسية بفكرة من الأستاذة سمية الرشيدي و أشرفت عليها الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقه حائل.ابتكرت شخصيات جديدة اسمها (شخصيات لطيفة) لا تمثل - وفقاً لقولها - بلداً بعينة ولا جنساً بعينة ،هي ثقافة لا يطبق عليها أي معيار هي ثقافة تجعلنا نبتسم.
عن تحولها من التقليدي إلى الرقمي ذكرت ل(الثقافية):
«كنت أغازل اللون الأبيض في اللوحة لساعات حتى أترجم ما يدور في ذهني ،كنت أحدق باللون الأبيض وأحاول أن أمحوه بأفكاري، أفكر ملياً قبل أن تلامس ريشتي الألوان أو اللوحة وأحيانا تقفز الأفكار من هذا البياض الناصع وأحياناً من الظلمة حين أغلق عيني بحثاً عن إلهام وحين أبدأ لم يكن هناك مجال أن أعاود الكرة من جديد، وعلى الرغم من أن الرسم التشكيلي كان ملهماً لي في استغلال ما لدي من ألوان ومساحات بيضاء، إلا أنه كان مكلفاً للوقت والجهد ،فحين أبدأ لا يمكن لي الرجوع عن الفكرة . كنت أبدأ وأنتهي وكأن الأمر بالنسبة لي كعملية جراحية لا يمكنني أن أتوقف حتى تكتمل.تدريجياً بدأت أدخل عالم الفن الرقمي و تدريجياً بدأت أتجاوب مع تسارع إيقاعات التطور الرقمي فالخطأ مسموح والتكلفة أصبحت أقل وبدأت أتخاطب مع آلاف الألوان التي لم أرها من قبل .بدأت أعمل على رسم أكثر من لوحة في نفس اليوم.
وفي حديثها عن حرية النشر وسرعته قالت: «أن التخاطب لم يقتصر على الألوان بل نالت لوحاتي حرية السفر إلى العالم بأسرة، ولم تكن حبيسة غرفتي حتى ولو لليلة واحدة ،أصبحت أرسم ثم أدع العالم يقرأ رسالتي ،لقد أوجدت لغة يفهمها الصغير والكبير العربي والغربي ،لغة يعجب بها الجميع طالما أنها كانت سهلة وخالية من الحروف. لغة التخاطب عززت في نفسي أن استمر بالعطاء وأن أميط الحصانة عن أعمالي أمام الناس لينتقدوها وأصداء الإعجاب من الجمهور عززت رأيي الشخصي في أعمالي.
وعن عالم المنافسة في الفضاء المفتوح ومن تتابع وكيف وقعت في غرام الفن الرقمي أشادت بأعمال متميزة لفنانين رقميين أمثال عمرو محمد،أحمد رباط وكوثر الزويد وأضافت «الجميل في الفن الرقمي أنه يقدم لك جمهور ومتابعين وفنانين تفصل بيننا المسافات.عالم الفن الرقمي يضع أعمالي في منافسات صعبة مع العالم لا يحكمها زمان أو مكان .يضعني بمواجهة الجمهور الذي ينتظر أعمالا بتطور مستمر. وهو جمهور لا يجامل جمهور يفضل أن يرى ويستمتع بالفن .وبين الفن التشكيلي والفن الرقمي خطوات استفدت منها في مشواري.الفن التشكيلي علمني أن أخطط قبل أن أرسم وأن أعد عدة الرسم قبل خوض سجال الأفكار ،علمني الصبر والمحاولة،علمني رائحة الألوان ووقع صوت الريشة على الورق.و الفن الرقمي علمني أن أتناغم مع اللون أكثر و أن أتسوق أي لون يناسب لوحتي ،فاللوحة أصبحت تشاركني الخيار.قد أجلس لساعات وأعمل لساعات ولا يوجد ما يبرر ذلك سوى أنني عاشقة لهذا الفن الجميل».
وفي الحديث عن فيلمها الرقمي (أنيميشن) بعنوان «أصدقائي الرقميين» أوضحت أنه تجسيد آخر للتغيرات التي تحدث الآن في ثقافتنا فالفيلم يروي جزءا من واقعنا حيث نحمل داخل هواتفنا العديد من الأصدقاء الرقميين الذين لم تجمعنا بهم الصدفة هم نوع آخر من الأصدقاء هم نوع لا يظهر للجميع فهم يتحاورون و يثرثرون ويضعون أحياناً أقنعة. فشبكات التواصل الاجتماعي أتاحت للجميع فرصة أن يتحدث أن يضع لنفسه جمهوراً أن يكتب بأكثر من أسلوب و أن يضع أكثر من قناع.
لا شك أن الفن أياً كانت وسيلته وأدواته يحمل قضية وفكرة عن المحتوى تحديداً ذكرت «الحياة من حولنا تعج بالأخبار المحزنة و أحياناً لا يمكن لنا تغيير هذه العادة الإنسانية في نقل الأخبار السيئة و ليس كما يقال الأخبار السيئة تنقلها الرياح، بل أصبحت أسرع من الرياح، أحاول عبر الرسم إعادة رسم الابتسامة. الرسم الكرتوني هو رسم ساخر، وأجد فيه كغيري مساحة أوسع وحرية أكبر فأحياناً أرسم بورتريهاً لكائن غير ملاحظ في الواقع لكن من وجهة نظري يمتلك حياة، فكل فنان يمتلك إحساساً خاصاً تجاه الأشياء من حوله. أحاول أن أبتعد عن الضحك على أنفسنا وأحاول تسليط الضوء على الشخصيات الجميلة التي تعج فيها بلادنا ومن دون السخرية من أحد.
وعن جديدها ذكرت أنها بصدد الانتهاء من اللمسات الأخيرة من الفيلم الثاني وهو عبارة عن قصة رومانسية ولكن بطريقة مختلفة وهي عبارة عن مزيج من الرسم والتصوير الرقمي، وتطوير (شخصيات لطيفة) التي ستدخل قالب آخر وهو (الأنيميشن) و- قولها - قد تكون مستقبلاً فكرة يتم بلورتها لتخدم التعليم الأولي عبر تحويل المناهج إلي شخصيات كرتونية تساعد الأطفال على التعلم وتكون لجميع المواد الأساسية عبر أجهزه الآيباد . كما أشارت بأنها لا تجزم بم سيحدث، فالتقنية أتاحت الكثير من أدوات الرسم التي تساعد الفنان و تختصر له بعض الجهد وهي أيضاً في تطور مستمر لا يساعد على التنبؤ وماذا تخبئ الأيام من إضافات لهذا الفن الجديد.