ولاية مينيسوتا هي أحدى الولايات في أمريكا التي عشت فيها ما يقارب الخمس سنوات وتشتهر هذه الولاية بكثرة بحيراتها ويطلق عليها بحيرة العشرة آلاف بحيرة بل قد يصل عدد البحيرات فيها مايقارب الخمسة عشر بحيرة وكذلك يطلق عليها ولاية السنجاب لكثرة السناجب في أرضها وكذلك يوجد فيها أكبر ثاني سوق في العالم بعد كندا ويطلق عليه اسم مول أف أمريكا (mall of America) وكذلك نهر الميسيسيبي ويعني النهر العظيم بلغة الهنود الحمر فهو ينبع من بحيرة ماونت البلاش من مينيسوتا ويمر بعدة ولايات بأمريكا. وبهذه الولاية عدة جاليات من العرب والمسلمين وأكبر جالية من المسلمين في ولاية مينيسوتا هم أخواننا الصوماليين حيث يصل عددهم مايقارب الثمانين ألف شخص، ولهم أسواقهم الشعبية الخاصة وكذلك أحياءهم ومطاعمهم الخاصة بأكلاتها الشعبية، وهناك عدد لابأس به من العرب من جنسيات مختلفة فمنهم المقيم ومنهم من أصبح أمريكيا بالجنسية مثل الفلسطنيين والمصريين والعراقيين أما من الحضارم من أصبح أمريكي بالجنسية هم قليلون جداً -والعرب لهم مطاعمهم التي تحمل أسماء عربية وهي قليلة جدا ولهم محلاتهم التجارية أما الأخوة من أبناء الصومال فأكثرهم يشتغلون سائقي التكسي-وتجارة العرب متعددة هناك من المحلات الخاصة كالتجارة بالتبغ أو الشغل بالبقالات أو المطاعم أو في التجارة بالسيارات، وكل من هؤلاء العرب بكل تأكيد يحنون إلى بلدانهم ومسقط رؤوسهم والبعض منهم لا يهنأ بالعيش هناك ولكن ظروفهم أجبرتهم على فراق الأوطان ومما لاحظته في أبناء الحضارم الأمريكيين هو حبهم الدائم لأرض أجدادهم وينطبق عليهم قول هاري سانت جون فيلبي عن الحضارم في كتابه بنات سبأ حيث قال:»الحضرمي مهما يكن من أمر فإنه في الخارج لا ينسى بلاده الأصلية - وليست هي بالضرورة الأرض التي ولد فيها-، وبلا استثناء تقريباً يرجع لها يوماً. ويلاحظ أنهم يحبون بلادهم بشدة حتى عندما يكون انتقادهم لنواحي التقصير فيها عنيفاً جداً». وربما كلام فيلبي يحمل الشيء الكثير من الصحة فقد تعرفت على أخيه من أبناء حضرموت أحدهم من مواليد الهجرين وهاجر مع أبويه إلى السعودية ومن ثم هاجر إلى أمريكا للدراسة في بداية الثمانينات من القرن الماضي واستقر به الحال هناك وقد أصبح أمريكياً وهو متزوج من امراة أمريكية مسلمة وهو من أشد المحبين لحضرموت وتجده محافظاً على لهجته الحضرمية ومفاخراً بها بين الجاليات العربية الأخرى وعند الجلوس معه تسمع نبرة صوته ولهجته الحضرمية وكأنه جاء من حضرموت للتو -والحضرمي الآخر الذي جاء من غيل باوزير وله أكثر من ثلاثين عاماً في مينيسوتا وقد زرته في بيته ذات مساء وشاهدت على جدران بيته صورا من حضرموت وكذلك علق على جدران بيته الخطوط القديمة أي المخطوطات المكتوبة بالحبر معلقة على الجدران كزينة وربما لها دلالة الانتماء إلى الجذور الحضرمية وكل شخص يعبر لحبه لوطنه بطريقته الخاصة - ومما لاحظته في أبناء حضرموت أيضاً أنهم أشد ارتباطاً مع زوجاتهم الأمريكيات إلى أن أصبح التعايش معهم تعايشا سلميا يسوده التفاهم والود والاحترام خلاف البعض من العرب الذين عندما يحصل على الجنسية الأمريكية يقوم بطلاق زوجته الأمريكية لأن البعض من هؤلاء في الأصل لا يسعون إلى الزواج من الأمريكية من أجل تكوين أسرة بل من أجل الجواز الأمريكية وكفى!!- وهذه الحيلة لم تندرج على الأمريكان حتى افتضح مكر العرب وأصبحت الأنظار إليهم تشوبها علامات عدة ومريبة وهذا السلوك الخاطئ يسئ إلى سمعة الإسلام والمسلمين. فلو هاجر الحضارم إلى القارة الأمريكية وخاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأعداد كبيرة لأصبح المسلمين في بلاد العم سام بأعداد كبيرة وهذا الفهم أو الاعتقاد الذي أحمله لا يندرج تحت المدح لبني قومي ولكن هناك نماذج شاهدتها في أبناء حضرموت فيها الوفاء لزوجاتهم وأن الطلاق ليس شائعاً بينهم خلاف بعض الأخوة العرب. والشيء الآخر الذي لم ينسه الحضارم هو اللخم فتجده معهم حيث ما تحط رحالهم فقد تعدا اللخم حدود حضرموت إلى أن وصل إلى أمريكا، فلم يكن الأمر صعباً من وصل اللخم إلى أمريكا بل يقوم الحضارم بوضع اللخم في علب النيدو ومن ثم تغليفه جيدا لكي لا تتسلل رائحته في مطارات أمريكا، وبعدها يصل اللخم سالماً إلى أراضي أمريكا ومن ثم إلى وطن محبيه بسلام تام.
batawil@gmail.com
- جدة