المؤلف: عبد الرحمن شلقم
الناشر: بيروت؛ بيسان؛ 2012
الصفحات: 144 صفحة من القطع المتوسط
يتناول الكتاب رموز وأدوات الثقافة التي شكلت وجدان وضمير وحياة إفريقيا وقدمتها كحضارة مختلفة غنية بمعاني عميقة برزت في آدابها وفنونها النحتية والتشكيلية والغناء واللغويات وغيرها. والتي جسدت صورا وأساطير حول شخصية الإفريقي بصفة عامة وشخصية الأفريقي البطل؛ تلك الصورة الغنية بالألوان والرموز والحكايات؛ لكن « البطل الإفريقي حسب مواصفات البطولة القديمة، يتراجع كل يوم مع كل خطوة تتقدمها المدنية والمدينة لتحتوي أجزاء أكبر من الغابة، ولكن مع تقهقر الغابة، بطبولها وألوانها الزاهية والرقصات الصاخبة، تنتقل رائحة الغابة والبحيرة وصور الأقواس، وكذا صدى الإيقاع الإفريقي القوي إلى المدينة، في صورةٍ جديدة، من خلال البحث المستمر عن صورة مفقودة ، أو بالأصح عن صورة ممزَّقة، ينطلق العديدون لجمع آثارها وإعادة ربطها، حتى توجد تلك الصورة القديمة الجديدة لقارة تريد أن يكون لها مكانها المعترف به، وسط بحور الثقافات المعاصرة، بما فيها من نظم سياسية واقتصادية وقيم ثقافية غنية، تتطور كل يوم وتتغير في كل عقد أو حقبة».
وحول طغيان فنون الرسم والنحت والتشكيل يشير المؤلف إلى رأيين مختلفين «هناك من يرى أن إفريقيا هي الأم الشرعي والحقيقي لفن النحت وفن الرسم، وآخر يرى أن الفن الإفريقي لا يمكن اعتباره فناً على الإطلاق، فهو ليس سوى خربشات بدائية، ولكن التقييم الموضوعي للفن الإفريقي، وأثره يتطلَّب سياقاً غير هذا السياق الجدي المتطرَّف. ففن النحت كان الفن الرئيس في إفريقيا، وشهرة (القناع) تتجاوز الأوساط الفنية، والقناع له مدلولٌ خاص في الثقافة الفنية الإفريقية، ففيه تتجسَّد الثقافة الحسِّية والخرافية والسلفية والقدرية، ويعني أيضاً الطقوس والموت والأرواح والألوان، وله استخدامات ودلالات، والألوان المستخدمة في الرسومات، هي: الأحمر والأصفر والأزرق والرمادي، فضلاً عن الأسود والأبيض».
أما الموسيقى في إفريقيا فهي» مثل الهوية، يحملها المرء معه دائماً، سواء كان وحده أو مع مجموعة. وللموسيقى في المجتمع الإفريقي وظيفة متشعبة، فهي تستخدم في ممارسة الرقابة الشعبية، وفي ردع الخارجين على العرف الاجتماعي؛ كما أن لمواسم العمل التعاوني الزراعي موسيقاها، حيث يتجمع الناس ويتراقصون على إيقاع عشرات الطبول، تعبيراً عن استعدادهم الجماعي للشروع في عملهم، ومثل هذه الرقصات تدوم لساعات طويلة. وقد تشترك فيها قبيلة أو أكثر، أو قرية أو أكثر. وفي الحكايات والأساطير الإفريقية نجد الكثير مما ينسج حول الطبل وأثره في صناعة الخوارق، لأنَّ الطبل يمثِّل الآلة الأساسية في الموسيقى الإفريقية. وللآلهة موسيقاها.فعندما يقف الإفريقي أمام آلهته، يخاطبها بالشعر والموسيقى، في إيقاعاتٍ أقرب إلى نغم المقامات العربية، خاصة في الأغاني الدينية. وتمتاز الموسيقى الإفريقية بالتكرار، مثل ذلك الذي نجده في موسيقى الزنوج الأميركيين، خاصة (الجاز) و(البلوز). واليوم، أيضا، يرقص الأفارقة رقصات جديدة على الإيقاعات ذاتها، فالقصة الإفريقية الجديدة تحمل مضموناً جديداً، وكذلك القصيدة. وحتى الموقف من الرجل الأبيض، لم يعد مجرَّد رفض للاستعمار، بل هو موقف إدانة».