(1)
في حضوركِ
كنتُ أثرثرُ..
هل كانت الساعة الخامسه ؟..
الأصيلُ الذي يتلوّن في الأفْق
راح يُلملِم أشلاءه
راعفَ الجرح عبر المدى..
والدجى في خشوعٍ
يقصّ خيوط السنا
عن عيونٍ تحدِّق في المستحيل
وترتدّ عن حلمها يائسه
و(الرياض) نؤوم الضحى
هاهي الآن تفرُك أجفانها
تتثاءب بعد الهجير الممِضّ
تمدّ يديها
تحيّي المساءَ الخجولَ
بأضوائها الهامسه
فتّقتْ نجدُ
عن سحرها
والصَّبا أوقد الحلْمَ
في الأعين الناعسه
وأنا لم أزلْ هاهنا
بين أُرجوحتين
تُطيفان بي
في الحقول
أشمّ عبير السنابلِ
في المنحنى الذهبيِّ
وأسمع لحنَ السواقي
يهزّ سكون الغصونْ
ويزيد اللظى
في لهيب الظنونْ
فأُدندنُ وسط الرياح
بأغنيةٍ عن وقار الجنونْ !
(2)
في حضوركِ
كنتُ أفتّش
في سلّتي
عن رياحينَ أنثرها
في الدروب التي
بين شوقي وعطركِ
بين ارتباكي وسحركِ
في ملتقى العشق والتوق واللهفةِ
لم أجد غير نَبل العِدا
والسهام التي..
(3)
موحشاً كان صمتكِ
ذاك المساءَ المسافرَ
في غابة الروحِ
مثل النجوم البعيدة
مثل البحار العميقة
مثل الزمنْ
وأنا في انتظار الصدى
لم أزلْ
أتخفّى وراء التفاصيل
أروي الحكاياتِ
أهرب منكِ إليكِ
وألمح في مقلتيكِ
ظلالَ شجَنْ
والدقائق تعصرني
وتذوِّب في القلبِ طعمَ الشتاتِ
ونكهة حزن الغروبِ..
مرارةَ فقْد الوطنْ
(4)
في الطريق الطويلِ الطويلْ
ونجومُ المساءِ
تلوحُ على البُعدِ:
ومضَ رحيلْ
ورصيفُ المتاهةِ
يمتدّ بيني وبينكِ
دون انتهاءْ
وحفيفُ المراكب
حولي يذكّرني
باغترابي
ووحشةِ ليلي
وبُعدِ السماءْ
كنتُ أمشي بغير خُطا
في طريقي الطويلْ
(5)
موسم الشوق في الليل
يهْمي وروداً.. ونبضاً..
ووعدَ لقاءْ
والمصابيحُ
فوق دروب (الرياضِ)
تسيلُ ضياءً ودفئاً
وعِقدَ رجاءْ
وأنا في مدى الريح وحدي..
وأغنية تتثاءب أصداؤها
من بعيدْ
في الرصيف الممِلّ المديدْ..