أَحلَى مِنَ الشَّهْدِ أنْ تَبْقَى علَى نَظَرِي
وأنْ أراكَ مَلاكًا قَد غَشَى بَصَرِي
وأنْ أراكَ كَطَلِّ الصُّبحِ مُنْطَرِحًا
مَعَ النَّسِيمِ علَى الأورَاقِ والزَّهَرِ
وأنْ أراكَ كَوَبلٍ سَحَّ في فَلَقٍ
علَى المَرَابِعِ والآكَامِ والشَّجَرِ
لأَجلِ هَذا مَنَحْتُ الرُّوحَ فُسْحَتَها
أطلقتُهَا من عِقَالِ الخوفِ والحَذَرِ
رَجوتُها حلِّقِي مِثلَ الفَرَاشةِ في
جَوِّ السَّمَاءِ معَ الأنواءِ والقَمَرِ
وَادْنِي مِنَ الشَّمسِ في عَينِ الغُرُوبِ ولا
تُلهِيكِ حُمْرتُها عَن غايةِ السَّفَرِ
قِفِي علَى الزَّهْرِ عُبِّي من سُلافتِهِ
ودونَكِ النَّهْرَ رَقْرَاقًا بِلا كَدَرِ
تَوسَّدِي السُّحْبَ في جَوفِ المسَاءِ وإِنْ
شِئْتِ استظلِّي بِها في وقْدَةِ السَّقَرِ
وَدُونَكِ الأيكَ فالتَذِّي بخُضرتِها
وناغِمِي الطَّيرَ صدَّاحًا معَ السَّحَرِ
ودونَكِ اللَّيلَ مَسكُونًا بهيبتِهِ
وذَا النَّهارُ فسِيحِي فيهِ واعتَبِرِي
ودونَكِ البحرَ ألوانٌ مَراكبُهُ
فامضِي عَليهَا وهاتِ أثمَنَ الدُّرَرِ
لَكِ المكَانُ فَمُدِّي فيهِ أشرِعةً
مِنَ الخيالِ وهاتِ أجملَ الصُّوَرِ
لَكِ الزَّمانُ فبُثِّي فيهِ أُغْنِيَةً
تَأتِي مُضمَّخةً من مَبْسَمٍ عَطِرِ
عَادَتْ إليَّ وفِي أحداقِها تَعَبٌ
وفي الشِّفَاهِ تَبَدَّى أصْدَقُ الخَبَرِ
قالتْ فديتُكَ مِن صَبٍّ وقَد عَلِمَتْ
أنِّي علَى شُرْفةِ الأيامِ في خَطَرِ
دَعْ عنكَ هَذا فَقدْ ولَّى الرَّبيعُ ومَا
لمثلِكَ اليومَ في الأوهامِ من وَطَرِ
دَعِ الطُّيُورَ دَعِ الأزهارَ يا ثَمِلاً
واعزِفْ لنَا نغمةً حَرَّى علَى وتَرِي
أَدِرْ كُؤوسَ النُّهَى في كُلِّ ناحيةٍ
واكسِرْ كُؤوسَ الهوَى في عَزْمِ مُقْتَدِرِ
وامسَحْ جبينَكَ تُبصِرْ ثَمَّ فاتنةً
غيرَ التي كُنتَ تَهوَى في الصِّبَا النَّضِرِ
خُذْهَا مُعطَّرةَ الخَدَّينِ مرخيَةً
ذُيُولَهَا لم تَزَلْ تَختَالُ في بَطَرِ
حُوريةً يَشتهيْهَا المُدْنَفُونَ فكَم
طَابَ اللِّقاءُ بها في حَضْرةِ السَّمَرِ
تَكسُو مهابتُهَا خُطَّابَها حُلَلاً
مِنَ البَهَاءِ تَدلَّتْ مِن جَنَى الفِكَرِ
أَفقْتُ مِن سَكرتِي والقَلبُ مُضطَربٌ
وصِحتُ يَكفِي فَلَم تُبْقِي ولَم تَذَرِي
كَفَاكِ ذَنْبًا فأشواقِي علَى لَهَبٍ
هَيَّا أَرِيْحِي بِهَا صَبًّا بِلا غَرَرِ
قالتْ وقَد أيقنَتْ أنِّي لهَا طَرِبٌ
هِيَ (القراءةُ) فالزَمْهَا عَنِ البَشَر
Mashr-26@hotmail.com