تنظر دور النشر إلى من يقدمون خدمات تصوير الكتب ثم نشرها مجاناً عبر مواقع التحميل على أنهم قراصنة للحقوق الفكرية، ولا تدّخر جهدا في ملاحقتهم لمنع تسرّب نسخ إلكترونية من الكتب إلى الانترنت فيتأثر تسويقها وتوزيعها، لكن الوضع القائم لعالم النشر المحلي والعربي يجعل المقرصنين مثل الفارس الإنجليزي الأسطوري روبن هود الذي يسرق الأغنياء ليشبع الفقراء؛ فهم قدّموا للمكتبة العربية خدمات تقاعست عن تقديمها غالبية دور النشر، وأشاعوا الثقافة بين محبيها وقراء الكتب الإلكترونية عبر الوسائط التقنية، وقدّموا أيضاً لبعض المؤلفين فرصة انتشار مؤلفاتهم بعد فشل ناشري كتبهم في تسويق الكتب وهضم حقوقهم من قبل دور نشر تستغل فئة الشباب المتطلعين لوضع بصماتهم في عالم التأليف.
على الجانب الآخر ما تزال التجارب في النشر الإلكتروني التجاري خجولة قاصرة مقارنة بالتغيّر المتسارع في عادات القراء، الشباب منهم خاصة، وتفضيلهم الكتاب الإلكتروني على الورقي لسهولة حمله وتصفحه في أي مكان، بالإضافة إلى المزايا التقنية المتعددة التي يحرمهم إياها الورق. تجوّلت في بعض تطبيقات المكتبات العربية ومواقع الكتب العربية الإلكترونية ولم أجد فيهم من وصل بخدماته إلى ما وصلت إليه دور النشر الإلكترونية الأجنبية. إحدى الشركات دخلت بقوة واستثمار عال في مجال النشر الإلكتروني وصاحب دخولها حملة إعلامية لكن ما إن استخدم القراء تطبيقها حتى انصرفوا عنه، والمطلّع على ملاحظات من استخدموا التطبيقات يشعر بالإحباط من عدم تمكّن السوق المكتبي من مواكبة وتفهم ما يجري من تطوّر تقني سريع وتبدّل في احتياجات القراء وتطلعاتهم. فلم يتبق لهم إلا النسخ الممسوحة ضوئيا لردم هذه الفجوة.
fmuneef@gmail.com