طبعاً لم ولن نكون دعاة حرب، فالحرب هي الحرب أين كانت والرابح فيها خاسر كبير، فلا رابحين البتة في الحروب، ولهذا فلا نريد ولا نشجّع وجود أيّة توترات تقود المنطقة إلى حرب، كالتي شهدتها بسبب الأفعال غير المسؤولة التي ترتكبها الأنظمة التي لا تهمها مصالح شعوبها، بقدر ما يهمها البقاء أكبر فترة ممكنة في الحكم.
حكّام طهران الحاليون شاركوا النظام السابق في العراق في إدخال المنطقة إلى دائرة الحروب، وبسبب صراعهما على النفوذ وفرض أفكارهما التي لا تخرج عن توجُّهات طائفية أو عرقية، تعرّضت المنطقة إلى ثلاث حروب دامية، أخّرت برامج التنمية فيها، وأضرّت شعوبها وبالذات الشعبين الإيراني والعراقي اللذين حُرما من ثرواتهما التي حُوِّلت لتمويل آلة الحرب على حساب معيشتهم، وحقهم في أن يعيشوا حياة كريمة مثلما يتمتع غيرهم من الشعوب المجاورة.
إيران والعراق لا يزالان يدفعان فاتورة المغامرات الطائشة لحكّامهما، ومع هذا وبدلاً من أن تكون تلك الحروب الثلاث درساً لمن يُعتبر، لا يزال هؤلاء الحكّام يصعدون في أفعالهم العدوانية ويواصلون تهيئة الأجواء لاندلاع حروب أخرى، فحكّام طهران بالذات الذين يتعمّدون القيام بأعمال عدائية واستفزازية تجاه دول الخليج العربي بالذات لإشعال المنطقة من جديد، متوهّمون بأنّ لهم القدرة على ربح أي حرب قادمة، مشيعين بأنهم يتفوّقون في مقاييس القوة العسكرية، خاصة بعد خروج العراق من حسابات القوة العربية، بل وحتى حسابه ضمن حسابات الدعم للنظام الإيراني.
الدراسات الاستراتيجية والواقع يفضحان زيف هذه الادعاءات، ففي الحروب الحديثة التي تعتمد على التوجُّه الإلكتروني والسيطرة والصواريخ والطائرات المقاتلة الحديثة التي تصيب أهدافها بدقة متناهية، تتفوّق دول الخليج العربي، ويعلم الإيرانيون أكثر من غيرهم، أنّ الدفاعات الجوية في هذه الدول قادرة على إسقاط صواريخهم التي طوّروها، بعد إدخال تعديلات على ما يُستورد من كوريا الشمالية والصين، وأنّ الطيران الحربي المتقدم الذي تمتلكه أكثر من دولة خليجية، قادر على إصابة أهداف في العمق الإيراني، ومعنى هذا أنّ موازين القوى، إنْ لم تكن متساوية، فإنها في نقاط أخرى تسجّل تفوّقاً لدول الخليج العربي، وهذا ما جعل هذه الدول تتصدّى بصوت قوي للتجاوزات الإيرانية التي كانت تسعى إلى جرّ المنطقة إلى مواجهة حربية جديدة، إلاّ أنهم فوجئوا بالموقف العربي الخليجي الذي أسقط كلّ مزاعم التفوّق ومحاولات الإرهاب الزائف التي كان يروّج لها أنصار نظام طهران.
JAZPING: 9999