أخيراً تحقق الحلم الذي طالما تطلعت القانونيات السعوديات إلى تحقيقه وهو دخول عالم المحاماة وممارسة تخصصهن الذي أحببنه واخترن دراسته. وقد كان عدم السماح للمرأة بممارسة مهنة المحاماة واحدة من الأحاجي والألغاز التي يحفل بها مجتمعنا السعودي في كل ما يتعلق بالمرأة!
فنحن في هذا المجتمع نتيح للمرأة أن تدرس من المرحلة الابتدائية حتى مرحلة الدكتوراة، وهذا بالطبع حق من حقوقها كإنسان وكمواطن ولا مِنَّة فيه لأحد، لكن العجيب أن هذه المرأة التي تدرس وتتفوق وتحصل على أعلى الدرجات تصطدم بالواقع المرير الذي يعامل المرأة كإنسان قاصر مهما بلغت من العلم ومن الرشد في السلوك!
وعلى مدى الأعوام الماضية زاد عدد الفتيات المتخصصات في القانون، وكان مصير معظمهن هو طوابير البطالة مثل الكثير من زميلاتهن صاحبات التخصصات الأخرى ممن يحتاج المجتمع لتخصصاتهن لكنه يحرمهن من العمل ثم يستقدم ملايين الأجانب الذكور للقيام بما يمكن أن تقوم به تلك الفتيات المتخصصات المتفوقات! بل إننا كثيراً ما نستقدم أجانب بمهارات تقل كثيراً عما تمتلكه فتياتنا السعوديات المعطلات عن العمل لأسباب واهية عبثية لا معنى لها!!
وبالنسبة للقانونيات السعوديات فإن الحاجة ماسة لدخولهن الميدان وممارسة مهنة المحاماة وذلك للترافع عن أي إنسان يحتاج إلى خبرتهن وعلمهن، ولكن عندما يكون ذلك الإنسان المحتاج هو امرأة فإن الحاجة تصبح مُلِحَّة جداً ولابد من القيام بها لأن المرأة لدينا تتعرض لمظالم ربما لا يفهمها حق المعرفة ويستطيع الدفاع عنها إلا امرأة مثلها تكون متخصصة في القانون وتعرف الأنظمة وما يوجد فيها من ثغرات تُستغل عادةً لسلب حقوق المرأة.
هذه المظالم التي تتعرض لها المرأة تتعلق بجوانب كثيرة من حياتها مثل حرمانها من الإرث وتعريضها للعنف الأسري وحرمان المطلقة من حقوقها وعضل النساء وأموركثيرة محزنة ومخجلة تتعرض لها المرأة ولا تجد من يتفهمها أو يدافع عنها وعن حقوقها بشكل صحيح وعادل وبما يعطيها الفرصة للحديث عن أمورها الخاصة الشخصية بشفافية بما يخدم قضيتها وفق المتاح من القانون والأنظمة التي قد تكون جاهلة بها وتحتاج إلى من يرشدها ويأخذ بيدها كي تستفيد من المواد والبنود القانونية التي تكون لصالحها.
إن إزالة القيود التي كانت مفروضة على المرأة لمزاولة مهنة المحاماة التي يفترض أن تكون قد زالت منذ يوم أمس الأحد عندما أصبح بوسع أربع محاميات سعوديات ممارسة العمل هو يوم تاريخي في نضال المرأة السعودية لنيل حقوقها. ألف مبروك لبناتنا وأخواتنا، ولازال الطريق طويلاً لكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة ـ كما يقول المثل ـ وقد قطعتن خطوات كثيرة وشاقة وطويلة وليس خطوة واحدة فقط.