كثير من الناس لا يدركون أن تصوراتهم الشخصية قد تكون عائقاً في حياتهم تنشأ عنها حدود ذهنية تجعلهم فقط يرون السلبيات، وبالتالي يصبح لديهم أفق ضيق يحد من قدراتهم على إحداث تغيير أو رؤية قدوم التغيير، على عكس النظرة الايجابية، ما يعني أنها أفق منفتح على الاحداث المحيطة، وبالتالي يستطيع المرء أن يستغل قدراته للتعامل مع مواقف سلبية معينة عندما تبرز في طريقه، حيث سيكون باستطاعته رؤية الجانب الايجابي والاستفادة منه.. العقلية المنفتحة تسمح بالنمو والتوسع في الذات بينما العقلية المنغلقة تحافظ على الركود وتعيق النمو.. البعض من الناس يعيش في كنف الماضي دون ادراك منه، إذا نظرت إلى هؤلاء الناس من حولك وتأملتهم ترى عشقا وغراما بينهم وبين الماضي، خصوصا هؤلاء الذين تتفاعل معهم بشكل يومي مثل الاصدقاء وأفراد الأسرة؛ لديهم افراط في استحضار الماضي واعتقاد سائد بأهميته القصوى لا يمكن فصله عن الحاضر؛ تجدهم أسرى لصور من الماضي، ولسان حالهم يقول لا نرغب أن ننفك من هذا الأسر.. الماضي والحاضر والمستقبل عناصر للزمن، الزمن أحد محاور الدهر ويتميز بالديناميكية؛ لحظات المستقبل رصيد للحاضر، الحاضر يمثل العيش الآن وفي هذا المكان بالتحديد، عمر الحاضر قصير وبسرعة يصبح في عداد الماضي؛ ما فعلته قبل خمس دقائق أصبح من الماضي.. العيش في المستقبل يعني التخطيط للمستقبل، ورؤية المسار الذي عليه حياتك وتقويم اتجاهه وتحديد ما اذا كان المسار فعلا سيعطيك قيمة الحياة التي تطمح إليها أو ترغبها. العيش في المستقبل يعني رؤية مستقبلك بواسطة خيالك ورسم الصور التي تحتاجها، أو تريدها، أو ترغبها لتصبح جزءاً من حياتك.. كلما تقدم الانسان في العمر يكتسب معرفة وحكمة، أو يفترض ذلك.. اكتساب المعرفة يأتي من طريقين؛ التجربة والتعليم. العيش في المستقبل يعني التخطيط للمستقبل. البعض يرى في المستقبل عنصرا مجهولا يستحق الاستبعاد من حياتنا، يمكن رؤية المستقبل من خلال نظرتك للحياة، تستطيع رؤيته اذا رغبت ذلك. أهدافك في الحياة ومصلحتك تكمن في رؤيتك التي تضفي معنى لحياتك، وذلك المعنى يجب أن يلبي غرضاً معيناً تحدده سلفاً لنفسك، وبدونهما تصبح الحياة مضيعة للوقت.
الخلاصة..
المسافات الزمنية الفاصلة بين الماضي والحاضر والمستقبل لحظات قصيرة متناهية القصر، تجعل وتيرة التحول من لحظه الى أخرى تفوق سرعتها الخيال، مجموع اللحظات الزمنية المكونة للدهر حتى قيام الساعة وصفها القرآن في آخر آية من سورة النازعات بـعشية أو ضحاها.. التعاقب بين الليل والنهار مشهد كوني، يذكر المؤمن بحقيقة التحول من المستقبل الى الحاضر الى الماضي، تجعل اللحظة الحاضرة هي الحاسمة في حياته، والمبادرة الى الاستفادة منها قبل أن تتحول في لمح البصر الى لحظة من الماضي، ولكن رحمة به، الآية المشار اليها أعلاه تمنع المؤمن من الدخول في حالة يأس، عندما يتذكرها أو يعيد تلاوتها يدرك مجدداً أن هناك لحظة أخرى تنتظره في المستقبل، فيولد الأمل عند الشاب والكهل على السواء، ويتجدد الأمل داخلهما حتى يستنفدا كامل رصيدهما من لحظات المستقبل.. لحظات الماضي تفنى.. الآية المشار اليها أعلاه تقتضي دائماً الحركة إلى الأمام، ما يستوجب مساراً واتجاهاً وأهدافاً محددة.