دعاء من الأعماق أن تمضي أمور الحجيج على خير ما يُرام، وأن يتقبل الله سبحانه وتعالى منهم ويعودوا سالمين إلى ديارهم.. فعلى الرغم من أن عدد الحجاج هذا العام كان أقل من عددهم في العام السابق بسبب أعمال البناء والتشييد في الحرم المكي وفي المشاعر المقدسة، إلا أن العدد كان كبيراً إذا ما أخذنا في الحسبان ضيق مساحة المكان وأن الحج يتم في مدة زمنية محدودة يترتب عليها تكثيف الجهد لخدمة ضيوف الرحمن.
أما الغريب فهو عدم التزام البعض بالتنظيمات التي أعلنت عنها الجهات المسئولة عن الحج! فحسب الأرقام المعلنة كان هناك ألوف الناس الذين حاولوا الذهاب إلى المشاعر المقدسة دون استخراج ترخيص للحج، وكان هناك عدد كبير من الحملات الوهمية المخالفة للأنظمة! كل ذلك على الرغم من أن الجهات الرسمية أعلنت بشكل متكرر وعن طريق مختلف وسائل الإعلام أن ظروف الحج هذا العام تتطلب ترتيبات استثنائية لضمان سلامة الحجيج وأداء النسك على الوجه المطلوب.
من الواضح أن جهود الجهات المسئولة حالت دون وقوع الكثير جداً من المخالفات وربما الكوارث، ولكن من الواضح أيضاً من الصور التي شاهدناها في الصحف ووسائل الإعلام أن هناك أعداداً كبيرة من الحجاج المخالفين المتكدسين! لقد رأينا صوراً للحجاج غير النظاميين الذين يفترشون الأرصفة والطرق ويضايقون بقية الحجاج ويعطون مظهراً غير إسلامي وغير حضاري لشعيرة الحج من خلال ما يزرعونه من فوضى في المشاعر المقدسة وما يرمونه من نفايات ومخلفات في كل مكان.
هناك من انتقد فكرة التصاريح منذ البداية، وأعتقد أن على هؤلاء النظر بموضوعية إلى الأمر بعيداً عن العاطفة لأن «تنظيم» الحج صار ضرورة قصوى بعد التزايد الكبير جداً في عدد الحجاج في الوقت الذي تظل فيه الرقعة الجغرفية والمدة الزمنية لأداء الشعيرة محدودة، وبخاصة في مثل هذا العام الذي يشهد توسعات وإنشاءات عمرانية في الحرم والمشاعر أدت - مؤقتاً - إلى تقليص المساحة المتاحة للحج.
يمكن أن ننتقد أي مظاهر للقصور.. ويمكن أن ننتقد المخالفات التي تحدث من أي جهة رسمية أو أهلية أثناء الحج.. ويمكن أن نطالب بتوضيح محايد عن أسباب ارتفاع أسعار بعض الحملات وبعض الخدمات، ولكن لا أفهم كيف لا يروق للبعض فكرة التنظيم والترخيص من حيث المبدأ على الرغم من أنها أصبحت ضرورية جداً في السنوات الأخيرة، وذلك من أجل سلامة الحجاج.