كانت المملكة، ولا تزال موطنا للكثير من أحبائنا العرب، والمسلمين، الذين نسجنا معهم خيوط المحبة العميقة، عطفا على المشتركات التي تجمعنا وإياهم، بل إن بعض هؤلاء الأشقاء يفضل الإقامة هنا، في المملكة، على الرحيل إلى بلده، ومنهم من يقضي إجازاته هنا، ولم تقصر المملكة يوما مع هؤلاء الأشقاء، كما أن معظمهم قدموا خدمات جليلة في مجالات التدريس، والخدمات الطبية، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره، والكل يعرف أن هؤلاء مرحب بهم، فهم يقيمون بين ظهرانينا بطريقة نظامية، ولكن لهذه القضية وجها آخر، يسعدنا أن الدولة اهتمت به مؤخرا، ونحن نتحدث هنا عن العمالة المخالفة، التي تقيم بطريقة غير نظامية، وتمارس أعمالا مخالفة للقانون.
قررت المملكة قبل مدة مواجهة هذه الظاهرة، وقد تم منح فرصتين لهؤلاء المخالفين لتعديل أوضاعهم، ثم شرعت الدولة، ممثلة بأجهزتها الخاصة في إجراءات ترحيل من لم يصحح وضعه القانوني، وقد قامت كل الأجهزة المعنية بجهود لا يستهان بها بهذا الخصوص، وإن كنا نتمنى لو أن الجهود كثفت قبل مدة من انتهاء المهلة، وذلك فيما يتعلق بتجهيز أماكن مخصصة للعمالة المخالفة قبل ترحيلها، وكذلك جدولة رحلات مخصصة لهذا الغرض، إذ إن هناك بعض المنغصات التي واجهت عمليات الإقامة، والترحيل، وهي عمليات تتطلب جهودا لا يستهان بها، نظرا لكثرة الأعداد المخالفة، أي المقيمة بطريقة غير مشروعة.
وعلى هامش هذه الجهود التي يتم بذلها من قبل الجهات الحكومية المعنية، التي بالتأكيد ستكون نتائجها إيجابية لصالح المواطن على المدى الطويل، إلا أن بعضا من «المثاليين»، خصوصا «الحقوقيين الجدد»، الذين لا يعرفون من القانون إلا اسمه، إذ إن معظمهم متخصص بالتاريخ، واللغة العربية، والجغرافيا، لم يرق لهم هذا الأمر، فقد بدا وكأنهم يريدون الدولة أن تواجه شغب، وعنف العمالة المخالفة بالورد، وأكياس الأصفر الرنان، فقد ظهر لدينا «محتسبون جدد»، يطالبون الدولة بأن تتوقف عن ملاحقة هؤلاء، وكأنهم ينتقدون تطبيق الدولة للقانون، أسوة بكل دول العالم المتحضر!!، وقد كان من أبرز هؤلاء الحقوقيين الجدد، أديب، وكاتب عتب علينا -نحن المواطنين- وقوفنا مع تطبيق النظام بحق المخالفين!، ولم يتوان عن نعتنا بالأعراب الأجلاف!!، ولم لا، فمن يطبق القانون -في نظر هذا الحبيب- يعتبر أعرابيا بلا ذاكرة!!
الغريب أن هذا الأخ الذي عيرنا ببداوتنا يعشق باريس، وبالتالي يعشق الغرب، والأغرب أنه كان شاهدا على تعامل السلطات الفرنسية مع المخالفين لقوانين الهجرة قبل سنوات قليلة، وحينها لم ينعت الفرنسيين بأنهم «فرنكيون أجلاف»، وبلا ذاكرة، وهنا نقول للسلطات المسؤولة عن ترحيل المخالفين: سيروا على بركة الله، وثقوا أن الحقوقيين الجدد، ومن لف لفهم لا يمثلون إلا شريحة تتهيأ على الدوام لنقد كل جهد وطني، والإشادة بكل جهد مماثل يقوم به الآخرون، فسيروا، ولا تلتفتوا، ونحن معكم!.