استكمالا للمطالبة بتجريم بعض التصرفات اللاأخلاقية مثل القذف والتكفير، وإدانة العنصرية نطرح بعض التشوهات الاجتماعية الأخرى التي تستوجب إصدار قوانين لتجريمها وهي:
تجريم التحرش: في الفترة الأخيرة حظيت ظاهرة التحرش باهتمام إعلامي كبير نتيجة لممارسات فئة من الشباب الخاطئة تجاه الفتيات، بل والأطفال، مما يستلزم تجريم هذه الظاهرة البشعة ووضع قانون صارم لها؛ إلا أن ذلك لاقى معارضة البعض لعدم الرغبة بالاعتراف ولو ضمنيًّا بوجود اختلاط حتى بالشوارع والأسواق والأماكن العامة! فضلا عن تحميل الفتاة المسؤولية وربط ذلك بتبرجها مما تسبب في تعطيل تقنين الأحكام القضائية حول ذلك ورفض وجود سَن يدين التحرش ويحفظ للمرأة عفتها وكرامتها، وإيقاع العقاب على المتحرّشين؛ ليدركوا مغبة تصرفاتهم فلا تسوّل لهم أنفسهم الإساءة للمرأة العفيفة أو المساس بخصوصيتها أو جرح مشاعرها.
تجريم العنف ضد المرأة: برغم العنف الجسدي والنفسي الموجه للمرأة بالضرب والقسوة وعضلها وكسر إرادتها ووقف سير حياتها من لدن بعض أولياء الأمور؛ دون تحرك لإدانة هذه التصرفات ومعاقبة مرتكبيها بالعقوبات المشابهة لفعله كالسجن والجلد، إلا أن الأمر لا يتوقف عند ذلك بل إنها تعاني من أشكال أخرى من التمييز والعنف المعنوي، أبرزها ما تواجهه من قبل المجتمع بالنظرة الدونية لها كشخص قاصر تحتاج من يعرِّف بها، ومن يتولى شأنها حتى لو حصلت على أعلى الشهادات وملكت الأموال وتسنمت أرقى المناصب ! ناهيك عما تلاقيه أثناء مراجعتها للدوائر الحكومية والأهلية حيث ينهرها أدنى رجل أمن ويمنعها من الدخول دون محرم!! فالنظرة المجتمعية الموروثة تدخل المولودة الفتاة في غياهب الظلم، فلا تتأهب لخوض غمار الحياة بثقة وطمأنينة ويستمر هذا الغبن طيلة مسار حياتها، ناهيك عن الأمثال الشعبية التي تحقِّر المرأة فيرددها الرجل متهكماً حينا وأحياناً ممازحاً ومستنقصا أحياناً أخرى!
والحق أنه لا يستقيم بناء مجتمع متحضر مالم تسن به قوانين متحركة في خدمة الناس ومتأقلمة مع التطورات الحياتية، وتجريم ما عداها. وفيها تنال المرأة حقها تاما كمواطن كامل الأهلية وليس قاصرا يتسول حقوقه من الرجل! وكلّ من ينشد الحق يجب أن يسعى إلى رفع الظلم عن المرأة، كيلا يترسخ هذا الخلل البنيوي الذي يظلم نصفه بحجة حماية نصفه الآخر!
إن تجريم تلك التصرفات ومعاقبة ممارسيها يجعل المجتمع يسير بقوانين واضحة يجد فيها المواطن والمقيم مرافئ للأمن ومراكب للأمان النفسي!