الذاكرة حين تنفجر لا ترحم...
كنتِ يا نوَّارة تتقين انفجارها تقولين لي: «لأنني يا صغيرتي أتجنب أن أراهم في حقيقتهم،»..!
أولئك الذين يكدِّرون الحياةَ، .. يطمسون نجومَ الجمال في حقيقةِ قيمِه اللؤلؤية فيها..
الذين لهم مع الحبِّ مواقفَ عصفٍ،.. ومع الصدقِ مواقفَ عسفٍ..،!!
الذين يحملون على الوفاء معاولَ هدمٍ،.. وعلى الرفْقِ سيوفَ جزٍّ..!
أولئك الذين ما شاهدوا فرحةَ روحٍ إلا أشعلوا فتائلَ حرقِها..، وحوَّطوها..،
فإذا ما ترمَّدت بهجتُها تراقصوا فوقَ رمادِها..!!
أولئك الذين إذا ما رأوا طبقَ حلوى..، قبلَ أن يلتقمَه فمٌ شهيٌ، خلطوه بالعلقم..!
الذين يترصدون للأكفِّ الخضِرةِ.. يخطفون ثمارها،...!
الذين يَسقطون على السعداءِ، يقطعون على رفقتِهم طرقَها..!!
كنتِ يا نوَارة تتجنبين أن تنفجر ذاكرتكِ فيسقطون منها أشلاءً تتلمظُ..!، وروائحَ تزكمُ.،!
وصوراً باهتة، لكنها حادةٌ،.. خادشةٌ..!
كانت لكِ قدرةٌ عجيبةٌ وأنت تغلقين أبوابَ ذاكرتكِ عند حدود المداخل إليهم أولئكَ..، وتمضين في التجول في فسحاتها الجميلة الأخرى..
آه يا نوَّارة ..،
هي هذه الحياة بكل ما فيها من الجمال، والجلال، ومواثيق البقاء، والعمار،..
فيها من القبح، والتهلهل، ومواعيد الفناء، والدمار..!!
كلُّ خلاصات الحياة دواوين..،
لا نقوى على إغلاق الذاكرة عن طفوها وهي تنفجر..، في لحظة فيضانها..!
وتأتين أنتِ كأجمل ما يثريها،.. يربِّت على جروحها،...
يحنُّ على فقدها..، يلمُّ شتاتَ ما فيها..،
وأنتِ هناك تمدين ما فيها منكِ، وعنكِ بيدك الرحيمة ترمم تصدعات تلك الأنقاض التي بقيت..،!
تضيئين بشمسكِ تلك النجوم التي طُُمست..،
تسقين يبابَ تلك المساحات التي بانت، وتصحَّرت..!!
يا نوَّارة،
أنتِ ذلك الكائن العجيب،.. المذهل،.. الخرافي،.. الخارج عن المعقول،.. البعيد عن الملموس..
أجملَ ..، وأبدع..، وأمتع..، وأندى ، وأخضر ما تنفجر عنه الذاكرة..
ولا أتَّقيه...!
كوني في نعيم رحمته..،
حتى نلتقي..