* في غمرة الخوف من مرض (كورونا)؛ الذي أصبح على كل لسان بعد ظهور إصابات له، ووفيات منه، وخاصة في محافظة جدة هذه الأيام، وفي غياب المعلومة الصحية، والوعي الكافي؛ لمرض لم يدخل اسمه قاموسنا في هذه البلاد إلا في منتصف سنة 2012م على وجه التقريب
فإن البعض منا لجأ إلى الفكاهة والسخرية، هرباً من الخرافة التي تصاحب مثل هذه الحالات المفجعة، ومن هذا البعض الساخر الظريف، صديق لي من أهل مدينة جدة، هاتفته قبل أيام؛ مبدياً رغبتي في زيارته ولقائه هناك بعد طول غياب، فما كان منه إلا أنه أطلق في أذني قذيفة فكاهية طازجة، أضحكت أذني قبل سمعي حين قال وهو يتصنع الجدية: (كورونا.. لا تزورونا)..!
* شكل مرض كورونا إذن؛ دائرة من الخوف عندي مثلما هو عند غيري، حتى أن التفكير في زيارة مدينة جدة، يوازي الخوف من الاقتراب من بعير في عطنه..! فقد راجت الشائعات والأقاويل التي تتناول أسباب المرض، فوصلت إلى إبلنا مزايينها ومشايينها، ولم نجد من يفند حقيقة الأمر: هل يأتينا كورونا من الإبل كما تردد أم لا..؟ وإذا كان الأمر كما تردد؛ فهل هو في لحمها، أم في شحمها، أم في بولها، أم في حليبها ولبنها، أم في أعطانها؟ وإذا صح أن للإبل علاقة بنقل مرض كورونا الخبيث؛ فهل نكافئها بمهرجان سنوي جديد في أم رقيبة..؟!
* ماذا يجري بالضبط يا وزارة الصحة، ويا إعلامنا..؟!
* ما أصل هذا المرض..؟ من أين جاء إلينا..؟ ما أسبابه..؟ كيف تنتقل العدوى..؟ كيف نتوقى الإصابة به..؟ كيف نعالجه وكيف نقضي عليه..؟
* كثير من الناس مع الأسف، يقتات على الشائعات، ويتتبع ما يتردد من أطراف غير رسمية هنا وهناك، والحاجة قائمة إلى توعية حقيقية بملابسات الحالة، من طرف وزارة الصحة تحديداً، التي ينبغي أن تكشف لنا عن حقيقة ما جرى ويجري، وعما إذا كان هناك استراتيجية لمحاصرة المرض ووقف زحفه وانتشاره، يواكبها دراسات بحثية جادة للمعالجة والاستئصال بشكل نهائي.
* كل الذي وصل إلينا؛ أن فيروساتُ الكورونا؛ أو الفَيروسَات المُكَلَّلَة (coronaviruses)؛ هي عائلةٌ كبيرة من الفيروسات، تشتمل على فيروسات قد تُسبِّب مجموعةً من الأمراض للبشر، بدءاً من نزلات البرد، إلى السارس. (المرض التنفُّسي الحاد الشديد).
* وقد تُصيب الكورونا أيضاً الحيوانات، وتصيب معظمُ هذه الفيروسات المُكللَّة نوعاً حيوانياً واحداً عادةً، أو عدداً قليلاً من الأنواع الحيوانية المتشابهة فيما بينها على الأكثر. ولكن؛ يمكن أن يُصيبَ السَّارس البشرَ والحيوانات، بما في ذلك القرود، والقطط، والكلاب، والقوارض.
* إن فيروسات الكورونا شائعة في جميع أنحاء العالم وفق تقارير دولية. وهي تُسبِّب نزلات البرد عادة. ولكنَّ فيروسَ الكورونا الجديد؛ سَبَّب ما بين أبريل- نيسان 2012م، إلى مايو- أيَّار عام 2013م، مرضاً في الجهاز التنفُّسي لأربعة وثلاثين بالغاً من ستَّة بلدان هي: (المملكة العربية السعودية، وقطر، والأردن، والمملكة المتَّحدة، والإمارات العربية المتَّحدة، وفرنسا). واشتملت الأعراضُ على الحمَّى والسعال وضيق التنفُّس. وتُوفى 20 شخصاً من بين الحالات الأربع والثلاثين. كما أُصيبت حالتان بمرض تنفُّسي خفيف، وتعافى المريضان تماماً.
* بعد ذلك؛ جرى الإبلاغُ عن إصابة 33 شخصاً بمرض تنفُّسي ناجم عن الإصابة بفيروس الكورونا الجديد (المكلَّل) في شهر مايو عام 2013، أكثرهم في المملكة العربية السعودية، وتوفي منهم ثمانية عشر شخصاً.
* من الواضح أن هناك علاقة وثيقة كما يبدو من التقارير بين مرض كورونا والجهاز التنفسي للإنسان، وينبغي العناية بهذا من قبل المصحات لدينا، وكذلك المرضى أنفسهم، خاصة في حالات الانفلونزا. الحرص واجب، والوقاية خير من العلاج.
* ويهمني ويهم كل شخص لتجنب الإصابة بهذا المرض- لا سمح الله- معرفة وسائل الوقاية المتاحة، وهي التي يرى بعض المختصين أنها فعالة ومهمة للغاية، خاصة مع أعراض الانفلونزا ونزلات البرد. ومنها:
1- الإكثار من غسل اليدين بالماء والصابون، وإذا لم يتوفَّر الماء والصابون، فيجب استخدامُ مطهِّر لليدين يحتوي على الكحول.
2- تجنُّب ملامسة العينين والأنف والفم، لأنَّ الجراثيمَ تنتقل بهذه الطريقة.
3- تجنُّب مخالطة الشخص المصاب عن قُرب.
4- الحصولُ على جميع اللقاحات اللازمة. وزيارةُ مقدِّم الرعاية الطبية قبل أربعة أو ستة أسابيع من السفر، للحصول على اللقاحات اللازمة.
* وإذا كان الشخص مصاباً بفيروس الكورونا؛ ماذا يجب عليه فعله..؟
* تقول الإرشادات الطبية: إنه يجب عليه أن يُغطِّي فمَه بمنديل ورقي عند العُطاس أو السعال، ثم يتخلَّص من المنديل في سلَّة المهملات، وأن يتجنب التواصل مع الأشخاص الآخرين للوقاية من العدوى.
* وقد يتفكه أحد المصابين؛ ليتقي ثقل الثقلاء؛ وخبث الخبثاء، فيتعلق لوحة تقول: (كورونا.. لا ترونا)..!
* حمانا الله وإياكم من كورونا، ومن كل مكروه..