هذه المقالة لا تقدم مقترحاً لإعادة هيكلة قطاعات حكومية كما يبدو من العنوان ، بل هي لتأكيد العلاقة الوثيقة بين التعليم والاقتصاد ، فالتعليم المتميز ينتج مردوداً اقتصادياً متميزاً ، وبالعكس تردي التعليم يستنزف موارد الاقتصاد.
هذه العلاقة تؤكدها مقولة «تعليم اليوم هو اقتصاد الغد» أي أن طلاب اليوم هم خامة قوة العمل مستقبلاً. إن الذي لا جدال فيه هو أن ارتفاع مستوى تعليم الفرد يحسن من فرص حصوله على عمل ودخل أفضل ، وهذا الحديث لا ينطبق على الأفراد فحسب بل وحتى على الحكومات والدول .فالدول التي تقدم تعليماً نوعياً راقياً تحقق مستويات اقتصادية مرموقة.
فمثلاً في فرنسا والنرويج وسويسرا وبريطانيا اتضح أن أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي يساهم فيه التعليم بأنماطه المتعددة. لقد وجدت دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن نصيب الفرد من الناتج المحلي يتناسب طرداً مع مستويات الطلاب التحصيلية المهارية مقاسة باختبارات دولبة مقننة.
اليوم ونحن نشهد عصراً من التفجر المعرفي التقني تبين أن نسبة عالية من فرص العمل (8 من كل 10 فرص) أصبحت تتطلب اليوم نوعاً من التعليم العالي ، بل إن فرص العمل أصبحت تعبر الحدود إلى حيث يوجد أفراد يمتلكون المعرفة والمهارة.
إن الأمم التي يتدنى تعليمها اليوم ستجد نفسها في الغد خارج المنافسة الاقتصادية. ولا بد أن نذكر هنا أن إنتاجية الفرد ترتفع مع تحسن جودة ما يحصل عليه من تعليم ، والمثال الأبرز هنا هو كوريا وسنغافورة.
وهذا يفرض على التعليم أن يعيد توجيه برامجه ومعاييره ليتوافق مع متطلبات الاقتصاد.