بعد الحادث الإجرامي في منفذ الوديعة الحدودي، تعرَّض منفذ جديدة عرعر إلى حادثة تندرج ضمن الأعمال الإرهابية للجماعات الإجرامية التي تنشط حالياً ضمن مخطط إنهاك المنطقة والدول الإسلامية لتمرير أجندات تحدثت عنها مراكز الأبحاث كثيراً في الأعوام الماضية.
حادثة منفذ جديدة عرعر لا يجب أن يُنظر إليها كأنها سقوط عشوائي لقذائف في منطقة حدودية قريبة من مواقع الاشتباكات في العراق.
نعم، القذائف الثلاث لم تتسبب في وقوع ضحايا، ولم تُحدث أضراراً مادية - ولله الحمد - لكن يجب ألا يُنظر للأمر كأنه حادث عرضي، وأن سقوط القذائف عشوائي. ولكي يكون الأمر واضحاً للجهات الأمنية، ومنها حرس الحدود الذي أثبت قدرته على مواجهة مثل هذه الأحداث والتصدي لها بشجاعة وتفانٍ، نذكر هذه النقاط:
1 - يأتي حادث سقوط القذائف الثلاث على جديدة عرعر بعد أيام قليلة من حادث إرهابي إجرامي، هو حادث منفذ الوديعة.
2 - الهدفان اللذان استُهدفا في العمليتين كلاهما لحرس الحدود، أحدهما في الجنوب، والآخر في الشمال. الأول جاء عبر تفجير مدخل منفذ الوديعة الحدودية، والدخول إلى الأراضي السعودية لتنفيذ عمل إجرامي في مرفق أمني، هو مبنى المباحث العامة في الوديعة. والثاني استُهدف بالقذائف الثلاث الموجهة إلى جديدة عرعر (مساكن حرس الحدود في جديدة عرعر) حيث سقطت القذائف حولها.
3 - لتوضيح أهمية منفذ جديدة عرعر ونوايا استهدافه من قِبل الجماعات الإرهابية، وبخاصة تنظيم داعش الإرهابي، نشير إلى أن منفذ جديدة عرعر يبعد عن مدينة عرعر قرابة 40 كم. أما عن الأراضي العراقية فبعد حساب المنطقة الأمنية العازلة المعتادة على الحدود بين المنفذ السعودي والمنفذ العراقي، وهو مغلق من كلا الجانبين، ولا يُستعمل إلا في مرور قوافل الحج، فهو يبعد عن أقرب مدينة عراقية، وهي قضاء النخيب، 80 كم.
وقضاء النخيب تابع لمحافظة الأنبار التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وهذا القضاء متنازع عليه بين محافظة الأنبار ومحافظة كربلاء، إلا أنه الآن تابع للأنبار، وتسيطر عليه العشائر المتحالفة مع تنظيم داعش، وأغلب سكانه من قبيلة عنزة، وهو تقريباً يشكِّل نقطة التقاء على الطريق الدولي الذي يربط محافظتَيْ الأنبار وكربلاء، ومناطق الحدود مع العراق والأردن والمملكة، وتقريباً يقع في نصف المسافة بين عرعر وكربلاء، ويربطه بالحدود السعودية طريق مسفلت سالك، يشق الصحراء؛ وهو ما يغري بانتشار الجماعات المسلحة ونصب قواعد للمدافع أو الصواريخ.
ولأن المنطقة مسيطر عليها من تنظيم داعش فلا يستغرب استعمالها للتحرش بالدول المجاورة، وبخاصة المملكة العربية السعودية.
هذه النقاط التي ذكرتها تؤكد أن سقوط قذائف على الأراضي السعودية قادمة من العراق ليس عملاً عشوائياً، بل عملاً مقصوداً، يدخل ضمن دائرة الاستهداف والتحرش الذي تقوم به التنظيمات الإرهابية.