تغرقنا كثيرٌ الرسائل الإعلانية «كيف تصبح ثرياً أو مليونيراً؟». هذه الدعاية التي تخاطب حب التملك والوصول إلى الغنى المادي هي نفسها تبحث عن الثراء, وهي لا تعني أكثر من العبارات الرنانة الخاوية من أي نهج أو طريقة علمية للوصول إلى الغنى، الذي هو أمر ليس كله في يد الإنسان.
ويتحدث بعض فلاسفة الاقتصاد عن طرق التملك، ويذهب بعضهم إلى جعله «معادلة لمجموعة من الأعمال التي تؤدَّى بطريقة معينة منطلقين في ذلك من أن الفقير لم يكن فقيراً بسبب قلة الموارد، وإنما بسبب قلة الدراية في خلق الأشكال الفكرية لما يريد أن يكون عليه».
* وباختلاف طرق الحصول على المال تختلف أيضاً طرق استعماله والاستمتاع به. ففي الوقت الذي يرى البعض أن ما يتم الحصول عليه بسهولة يذهب بسهولة يرى آخرون أن فلسفة التعامل مع المال لها أوجه متعددة. فهناك من يرى أن متعة المال بصرفه والحصول على كل ما يريد ببذخ، وهناك من يرى العكس، وصنف ثالث يكنز المال، ويقتر على نفسه، وكل هذا يأتي من خلال كيفية التعاطي مع سلطة المال. يقول آدم خو، وهو ثري سنغافوري، لم يتجاوز السادسة والعشرين ربيعاً، في كتابه (أسرار المليونير العصامي): تم غسل أدمغة الناس ليعتقدوا أن المليونيرات يلبسون دائماً ماركات معروفة وفاخرة جداً، ويسافرون جواً فقط عبر الدرجة الأولى. بينما في الواقع هذا هو السبب الرئيسي في هروب الثراء من البعض. بينما الواقع هو أن أكثر العصاميين من المليونيرات هم أشخاص مقتصدون جداً، وينفقون فقط على ما له قيمة وضرورة؛ لذلك هم قادرون على تجميع الأموال ومضاعفة ثرواتهم أسرع بكثير من الآخرين».
* ويتحدث عن الادخار بقوله: «على مدى السنوات السبع الأخيرة، كنت أدخر نحو 80 % من دخلي. واليوم أدخر 60 % لأني تزوجت، وصار لزاماً عليّ الإنفاق على زوجتي ووالدتها وطفلين وخادمتين، إضافة إلى نفسي. ومع ذلك فنسبة ادخاري أكبر من نسبة أكثر الناس الذين لا يدخرون أكثر من 10 % من دخلهم في أحسن الأحوال».
* ويتحدث عن طريقة صرفه وتأمين احتياجاته، فهو يرفض أن يشتري تذاكر للسفر على الدرجة الأولى، ولا يرتدي قميصاً سعره 300 دولار، لكنه يدفع 1300 دولار فوراً ودون التفكير مرتين لإرسال ابنته، التي تبلغ من العمر سنتين، لحضور حصة في معهد جوليا جابرييل لتطوير مهارات الأطفال. فهو يرى أن سعادته حين يرى أبناءه يضحكون ويلعبون ويتعلمون بسرعة. وحين يقرأ رسائل البريد الإلكتروني التي تتحدث عن التأثير الذي كان لكتبه ومحاضراته في حياة الناس يفخر كثيراً.