ليس غريبا أن تقفز مرتبة المملكة إلى الرقم 36 من بين 193 دولة على مستوى العالم، ضمن قياس الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية للعام الجاري 2014، بعد أن كانت في المرتبة الـ 41 عام 2012، أي أنها تقدمت خمس خطوات خلال عامين فقط!
وهذا - كما قلت - ليس مستغربا، لأن المملكة منذ أحد عشر عاماً، بعدما صدر أمراً سامياً بإحالة كل ما يتعلق بوضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونياً، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذها، إلى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومن هنا بدأت معظم الجهات بتنفيذ خدماتها إلكترونيا، لا لكي تحقق رقماً متقدما في قائمة الحكومات الإلكترونية، بل لكي تحقق أفضل الخدمات للمواطن بأسهل الطرق، وأوفر الجهد، وهذا ما هدف له الأمر السامي الصادر عام 1424، من تنظيم المعاملات الحكومية الإلكترونية، وإسناد العمل لوزارة الاتصالات والتنسيق معها.
كثير من الدول المتقدمة، في المراكز الأولى في هذه القائمة، أصبحت التعاملات اليدوية من قبيل التاريخ القديم، وأصبح العالم فيها بأكمله، بخدماته ولوازمه، متوفر في هذا الجهاز الصغير، الموبايل أو الهاتف المحمول الذكي، فلم يعد هؤلاء بحاجة إلى الخروج بسياراتهم، ولا مزاحمة الآخرين في وسائل النقل العام، وهم يتأبطون الملف الأخضر العتيق، أو ما يسمى الملف الأخضر العلاقي، حيث كان إلى وقت قريب، بل ما زال حتى الآن، في بعض جهاتنا الحكومية ضمن شروط التقديم لطلب خدمة ما، أو الالتحاق بوظيفة ما، ويجب علينا أن نتكاتف لجعل هذا الملف ضمن مكونات المتاحف الوطنية، فقد كان نتاج بيئات بيروقراطية مرهقة، ويجب التخلص منه، ومن هذه البيئات البيروقراطية المملة!
نحن نجحنا في بعض الجهات الخدمية، سواء للأفراد المواطنين والمقيمين، أو للشركات، كما في الجوازات للمواطنين، والإقامات للمقيمين، من حيث الإصدار والتجديد والتأشيرات وخلافه. كذلك نجحنا في التقديم الإلكتروني على الجامعات السعودية، وكم هي سعادتي كبيرة حينما يسجل ابني أو ابنتي رغباته في الجامعات وهو جالس إلى كمبيوتره، في حين أتذكر التدافع والاقتتال على شباك التقديم بالنسبة لجيلي... هذه مكتسبات يجب أن نحتفي ونشيد بها.
كذلك كثير من تعاملات وزارة التجارة أصبحت تتم إلكترونيا، وبعض أمانات المناطق، وغيرها من الجهات التي تحاملت على نفسها، حتى حققت هذه القفزة.
بعض الجهات التي تصدر تراخيص المؤسسات والشركات، بدأت بالتطبيق الإلكتروني، مما سهل الأمر على التجار المواطنين، وعلى المستثمرين الأجانب، مما سيدعم الجوانب الاقتصادية، ويجعل من المملكة دولة جذب للاستثمارات الجادة.
لكن ماذا عن جهات ووزارات أخرى، لم تزل تعاني من مشاكلها، ولم تتقدم خطوة في مجال العمل الإلكتروني رغم علاقتها الحميمة والمباشرة بالمواطن، كوزارة الصحة، أعرف أن غالبية القراء، سيصابون بإحباط: خلهم يوفرون أسرة لمرضانا، ثم تعال نتكلم في الوزارة الإلكترونية... وهذا صحيح إلى حد ما، لكن العمل الإلكتروني في التسجيل ومواعيد العيادات الخارجية، ومواعيد العمليات، وغيرها، قد تجعل الأمر أكثر تنظيما، وقد تجعل خدمات التنويم والعمليات أكثر سهولة.
ولعل تفعيل استخدام بطاقة الأحوال المدنية الجديدة، واستخدامها في كثير من خدمات المواطن، وكذلك الأمر بالنسبة لبطاقة الإقامة، يجعل الأمر أكثر تنظيما وأمانا في تلبية كافة احتياجات المواطن والمقيم على حد سواء.
كلنا ثقة، أن تطبيق الحكومة الإلكترونية يسير بخطى جيدة، حتى وإن كانت بطيئة بعض الشيء في بعض الجهات، إلا أننا سنجد أنفسنا في دول المقدمة ضمن الحكومات الإلكترونية خلال سنوات قليلة إن شاء الله.