الإرهابيون يمارسون هواية القتل، وارتكاب المجازر، والأفعال الشنيعة، ويستميتون في تقبيح وجه الحياة، وتمريغ أنفها في التراب، وإطفاء شعلتها في برك الدماء الزكية، وإزهاق الأرواح البريئة، وفق ممارسات غير أخلاقية، ولا إنسانية، ولا يقبلها عرف، ولا دين،
الإرهابيون كائنات عدوانية شرسة، مثل إعصار مأساوي يهدد ملامح الحياة، يسود نفوسهم الظلام، وتختفي عندهم الرحمة، يريدون الحياة بلا أنهار، ولا أشجار، ولا غيمة، ولا رابية، ولا تطلع، يريدونها متصحرة جافة من غير فصول ولا مواسم، يلهثون خلف الصراعات العقيمة القديمة المستديمة، ويركضون خلف سراب الغنائم، وينفذون ضد الإنسانية أبشع جرائم القتل، ومسرحيات الجنون، يحبون كتابة شهادات الوفاة، ويبتهجون بمراسيم التشييع والدفن والعزاء، من دون أن يذرفوا دمعة واحدة، أو تتألم أرواحهم على أرواح الموتى، مساعيهم الحثيثة خبيثة، يريدون تحويل الأرض إلى كوكب معتم بلا ضوء، وأن يعصفوا بالحقول والأنهار والبساتين، ويقطعوا شرايين الحياة البهية، مواقفهم متباينة بين المواقف المتأرجحة والخذلان المتجدد والإبادة المتعمدة، يريدون تحويل مسار الحياة إلى الخلف غصباً وقصداً وعنوة، وينوون تجفيف الحياة وحرمان إنسانها من ممارسة الركض والتطلع والانتشاء، المواقف الإنسانية لا أثر لها في نفوسهم ومبادئهم وأخلاقهم، ويعولون على الحرق والإبادة والفناء والخراب، ويسعون إلى تأجيج النيران واستعارها، أفعالهم جائرة، ومشاريعهم باهتة، وخططهم تآمرية ويزيدون الطين بلة، ويتعاملون مع الناس والنبات والحيوان بلا رحمة ولا لين ولا شفقة، الإرهابيون أعمالهم كارثية، وأفكارهم جهنمية، وعباقرة في الهدم والإزالة ورسم المشاهد المأساوية، الإرهابيون يحاولون تجفيف منابع الحياة وروافدها، ويحاولون سحب ما تبقى من نقائها وبهائها، المصيبة أن هؤلاء الإرهابيين يمضون سريعاً في تدمير معالم الحياة، والكثير منا ممن نحسبهم فاعلين ومؤثرين لا يظهرون اهتماماً حقيقياً وفعلياً تجاه ظاهرة الإرهاب المخيف، والأنكى أن مؤسساتنا العلمية والدينية تقيم المؤتمرات، وتعقد الندوات لتشخيص تداعيات مرض ( إيبولا ) وتتعمق في دراسة الأعاصير والزلازل والمتغيرات المناخية المفاجئة والاستفتاءات الصغيرة، واستفسارات الأحلام الكاذبة الباهتة، لكنها لم تبد اهتماماً كافياً بمن يريد قتلنا وتشريدنا وتفكيك وحدتنا ونسيجنا واغتيال الحياة فينا، وكأنّ الأمر لا يعنيهم لا من بعيد ولا من قريب، والمصيبة الكبرى أنّ البعض من أفرادنا ومراكزنا ومؤسساتنا بنومها وتكاسلها وتقاعسها وأعمالها السلحفائية البطيئة، أعطت الضوء الأخضر للإرهابيين لتنفيذ مشاريعهم العدوانية ضدنا من غير أن تدري، انّ ملف الإرهاب يجب أن يحظبالأولوية والأهمية، بل يجب أن يكون غاية العمل وهدفه، وهو الذي يفترض أن يتصدر عناوين الأخبار في الصحف والفضائيات، ويتصدر مفردات مناهجنا التعليمية ضمن المقررات الدراسية لكل من المراحل الابتدائية إلى الجامعة، وهو الذي يفترض أن يكون في مقدمة الخطب والمحاضرات في المساجد ودور العبادة والمدارس والجامعات والساحات العامة والمهرجانات، وهو الذي يفترض أن تنشئ له اللجان القويمة لتسافر بنهم ودون كلل من الحد للحد، للتثقيف والتوعية والتصويب وإبانة هذا الخطر الداهم للناس، الذي لا يفرق بين أحد وأحد، وجنس ولون وبشر، فالمسألة مسألة مصيرية، مسألة حياة أو موت، مسألة نكون أو لا نكون، وعليه لا يجب أن نكون من المتفرجين المترددين الحائرين، من دون أن نطلق صيحة احتجاج واحدة بوجه الإرهاب وفاعليه ومسانديه والداعمين له، الذين يريدون أن يقطعوا عنا جداول الماء وسواقيه ومنابعه، إمعاناً في تعطيشنا وتدميرنا وتجويعنا وتشريدنا كما فعلوا بالغير المجاور والبعيد، إن من يحب وطنه عليه أن لا يصمت، وأن لا يتأخر في الذود عنه، وأن يصون ممتلكاته ، ويحمي موجوداته، بكل الوسائل والطرق والأساليب المتاحة وغير المتاحة، فالنجاح والفوز في المهمات الصعبة جبلٌ وعرٌ لا يمكن تسلُّقه نحو القمة وأيدينا في جيوبنا.