الملفت الانتباه في القبض على (88) متورطاً في أعمال الإرهاب أن (59) منهم سبق إيقافهم على خلفية الإرهاب وتمت مناصحتهم وأطلق سراحهم، وهذا يعني أن مناصحة هؤلاء لا تجدي، أو أن البرامج التي وجهت لهم لم تكن كافية، أو هناك نقص في المعلومات والبيانات والتحريات، لكن الواضح أن المرحلة الجديدة مع داعش مختلفة تماماً عن مرحلة القاعدة، وأن الحركات الإرهابية تشهد تحولات جديدة بظهور داعش التي وُلدت من القاعدة لكن بأجندة مختلفة، حيث طرحت نفسها كدولة وامتداد للخلافة الإسلامية ولها موطئ قدم في قلب العرب والعالم الإسلامي في بلاد الرافدين والهلال الخصيب العراق والشام، وهما أقدم العواصم الإسلامية، فعاصمة الخلافة الإسلامية الأولى كانت بالمدينة المنورة ثم انتقلت إلى الكوفة في العراق ثم إلى دمشق بالشام زمن الأمويين ثم عادت إلى العراق -بغداد- في العهد العباسي وبقيت إلى الزمن المملوكي، وتنقلت خلال هذه الفترة بين القاهرة وتونس وأخيراً استقرت في اسطنبول في تركيا حتى الإعلان عن التخلي عن الخلافة الإسلامية عام 1918م وقيام تركيا الحديثة عام 1923م. هذا هو الفارق بين تنظيم القاعدة وداعش، فالقاعدة في أفغانستان بعيدة عن أرض العرب وليس لها موطئ القدم الذي لداعش في العراق وسوريا، وليس للقاعدة جذور تاريخية كما لداعش، لذا ستكون مواجهة داعش في شكلها الحالي أصعب وتحتاج إلى مراس مختلف عن حرب القاعدة.
بلا شك أن جماعات القاعدة تحوَّل جزء كبير منها إلى داعش التي شارك في صناعتها جميع القوى المتصارعة في المنطقة، شاركت الدول الغربية وأمريكا وإيران وتركيا والنظام السوري، تم دعم الجبهات بالمقاتلين والسلاح والمعلومات حتى تكونت دولة خلافة كما تدعي ذلك، وما زالت بعض القوى تعتبر داعش حصانها الرابح في تدمير القوى العربية، وتفكيك دولها، فالحرب عليها ليس جدياً بقدر دعم الاتحاد الأوروبي ودول الحلف الأطلسي وأمريكا وإسرائيل - دعم - الجيش الكردي البشمركى وتسليحه لإقامة دولته الكردية على الأراضي العراقية.
إيران تدفع بالسلاح والرجال الأكراد لطردهم من أراضيها، وتفعل تركيا وسوريا الفعل نفسه تدفع بالسلاح والمقاتلين الأكراد تحت مظلة محاربة داعش، وهذه الدول ترمي إلى حماية دولة الأكراد الوليدة بالعراق، وأيضاً التخلص من الأكراد وطردهم من دولهم لوطنهم الجديد في العراق. أما محاربة داعش فستكون ثانوية لأن لداعش أدوراً أخرى في المنطقة لم تلعبها بعد.