* قد يكون من اليسير عليك أن تشيد بمضامين خطاب ما، تجتهد في تحليله، وتذهب في تفسيره واستنتاج أهدافه وغاياته كل مذهب، هذا إن كنت مثقفا، أو صاحب قلم تمتلك موهبة الإنشاء والتعبير عن خواطرك أو آرائك الحرة، وأيسر من ذلك كله إن كنت مسؤولا عن قطاع أن تمررها على من يعملون ضمن الفريق، وتختتمها كما جرى العرف بذلك بأهمية الاطلاع والعمل بموجب تلك المضامين، وحسبك في هذا السلوك أن تعد عند دهماء الناس رمزا كبيرا من رموز الوطنية، أو أنك بذلك الصنيع قد برأت ذمتك، والله وحده هو من يعلم السرّ وأخفى، هو علام الغيوب.
* اليوم، المواطن السعودي والعربي بشكل عام أكثر وعيا من قبل، وأكثر إدراكا ومعرفة بالمخاطر التي تحيط به، وبالمنطقة، بل بالعالم كله. إذ أصبح لديه القدرة على كشف الرغوة من الصريح، واستيعاب الخطاب الإعلامي المستهلك، والخطاب الإعلامي الهادف. وانغماس بعض الأفراد بالحياة المترفة اللاهية لا يعني أن الجميع بهذا المستوى من الانغماس، أو الانسحاب من المشهد الجاد.
* الواجب الديني والوطني والاجتماعي متى أصبح وأمسى في هاجس الفرد أيّاً كان مستواه لا يحتاج ضميره إلى من يوقظه، أو إلى كارثة لا قدّر الله ذلك تحل في وطنه وبمجتمعه، وكم يعجبك ذلك الفرد من البشر حينما يشار إليه بأنه صاحب مبدأ وقضية، يؤمن بها، ويدافع عنها في كل موقف ومحفل!!
* خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وانطلاقا من المسؤولية التي تقع على عاتقه أمام خالقه، لم يسهب ذلك الإسهاب الممل في كلمته الموجهة إلى أصحاب الفضيلة العلماء، بل أوجز كل الإيجاز، إذ هو على يقين بمعرفتهم بما في مكنون نفسه تجاه هذا الوطن، وتجاه الرعية. يدرك تمام الإدراك أن الحضور، وهم من صفوة المجتمع، ومن بيدهم مفاتيح التوجيه والإرشاد لديهم معرفة بالواقع الذي يعيشونه، لكن المشكلة حينما يدب الكسل، وتفتر العزائم، وتتقاصر الهمم، وتنصرف عن العمل الجاد المثمر، بل وأشد خطرا من ذلك حينما يلوذ الإنسان بالصمت، والصامت عن الحق عند اتضاحه (شيطان أخرس)كما يقال. ومن يفصح عن رأيه بأي أسلوب من السهل اكتشاف ما لديه من توجهات، أما الصامتون، المؤثرون للعزلة - والوطن بأمس الحاجة إلى صوتهم المعتدل - فهم والحالة هذه يتركون للناس فرصة التأويل والتحليل والتفسير عن سر ذلك الصمت من ذلك العالم الكبير، الذي أمره الخالق بالصدع بالحق، دون أن تأخذه في الله لومة لائم.
* قيادة هذا البلد، بقيادة خادم الحرمين الشريفين في هذا الوقت بالذات لا يحتاجون إلى من يكتفي بإيضاح موقفه بمجرد إشادة عابرة ترسل عبر وسائط الإعلام، أو من خلال تغريدة موجزة يطلقها من على أريكته، أو حينما يحاول الخلود إلى النوم. الوطن بحاجة إلى أفراد يقودهم الحس الديني والوطني إلى ترجمة مضامين الكلمة السامية إلى برنامج عملي مدروس يأخذ الصبغة المؤسسية طويلة المدى، لا نكتفي فيه بمجرد الارتجال الوقتي المعتمد على قدرة الفرد، وبمعزل عن أعضاء الفريق، أو المؤسسة الكبيرة التي يدير دفتها بما أتيح له من إمكانات بشرية ومادية.
* نحن في هذه السنوات، بالذات الثلاث الأخيرة، أصبح يقودنا الإعلام الذي يمارسه أفراد، والكل منا يتابع ما يرده من خلال الوسائط الإعلامية الاجتماعية مما يثار عن اعتزال الفتن على سبيل المثال، وربما أمسى المتعلمين في حيرة أمام أحاديث وأقوال متفرقة في هذا الجانب، وهو الأمر الذي ربما جعل البعض حتى من العلماء ينسحب من الموقف. إذن نحن بحاجة إلى أن تستعيد المؤسسة الدينية دورها الريادي والقيادي الموجه للمجتمع.
(نافذة)
* من أجمل ما قيل عن الانزعاج من الوعيد:
نبئت أن أبا قابوس أوعدني
ولا قرار على زأرٍ من الأسدِ