نعم نحن في خطر !
إنْ لم يع بعض شبابنا ما يدور خلف الكواليس من خطط ودسائس ومخاتلات وأحلاف وتحيّن للفرص التي يمكن أن تسنح للإيقاع بنا ؛ فنحن في خطر!
إنْ لم نع - نحن أبناء هذا البلد الطيب المبارك المملكة العربية السعودية - أنّ ما أنجزه الآباء المؤسِّسون - رحمهم الله - من بناء، وما اشتغلوا عليه طيلة سنوات التأسيس، لم يتم ولم يكتمل إلا بتضحيات جسام واسترخاص للأرواح في سبيل تحقيق هدف سام ونبيل ؛ وهو أن يكون لأبناء جزيرة العرب المشتتين قبل عام 1157هـ كيان ووجود ودولة ؛ فإنْ لم نستحضر جهود الآباء أو استرخصها أو فرط فيها أو تنازل عنها البعض ؛ فنحن في خطر !
إنْ لم نع بكل ممكنات الوعي أنّ ما نعيشه من وحدة وما أنجزناه من تنمية وما نتمتع به من أمن وراحة عيش، يحتاج لقلوب رقيقة مشفقة محبة للوطن ولعقول واعية بمخاطر التفريط أو التساهل أو الاستجابة أو إلقاء السمع للمفسدين وللأعداء من أية أمة وملة ونحلة ؛ فنحن في خطر!
هم الأعداء وإن بدوا في ثياب الأصدقاء ولبسوا مسوح الرهبان والزهاد والأتقياء، هم الأعداء وإن انتحلوا أسماء الأنبياء والصديقين والشهداء، هم الأعداء وإن بكوا وتباكوا وذرفوا الدمع الكاذب السخين المزيّف على ضياع الفضيلة والأخلاق والدين، هم الأعداء وإن ارتدوا جلباب الصالحين ورفعوا السبّابة بالتوحيد وتصايحوا حي على الجهاد حي على الاستشهاد ؛ فلا جهاد ولا استشهاد لمسلم يقتل مسلماً.
خوارج زيّنت لهم شياطينهم الخطيئة حسنة، والاعتداء جهاداً، والموت على غير الحق شهادة، والسلب والنهب وسبي البشر غنيمة، والسعي للبغي وللإفساد في الأرض إصلاحاً، يتعامون عن قوله صلى الله عليه وسلم «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
إنْ لم يدرك من ألقى إليهم أذناً أو فتح لهم موقعاً أو استمع منهم إلى خطبة أو نشيد، أو اقتنع منهم بتدليس أو حجة محرفة أو دليل مسير إلى غير وجهته، أو نص محور على غير مقصده، فاستجاب للتضليل وللادعاء وللوعد أو الوعيد المهول بهما والمخوف منهما ؛ فإننا في خطر!
إنْ لم نع وندرك أنّ أبناءنا وهم في مرحلة تفتق الوعي والبحث عن الذات وتطلب المثالية والاندفاع خلف العواطف الجامحة أمانة في أعناقنا فتائل بارود أو نسائم محبة ؛ للبأساء أو النعماء، فلم نتنبه إلى ما يعتريهم أو يطرأ على نفوسهم تغيُّر وتحوّل وتشدُّد وغلو وانقلاب في التفكير وفي المشاعر وفي الراحة أو القلق ؛ فإننا في خطر!
إن لم يدرك هؤلاء الشبان العاطفيون المندفعون المرخون آذانهم للأشرار المتلبسين ثياب الأطهار، أنهم شرارة قابلة للاشتعال في أهلهم وعوائلهم وأمنهم وأرزاقهم ومستقبلهم، وأنهم الأيسر عند الأعداء لاستخدامهم وقوداً لإيذاء أهلهم وإيقاد نار الفتنة والاضطراب والفوضى في وطنهم، تحت لافتات خادعة ودعاوى كاذبة ضالة ؛ إن لم يدرك هؤلاء الشبان العاطفيون المندفعون ذلك كله ؛ فنحن في خطر!
إنْ لم يع بعض أبنائنا أنّ الوطن يدّخرهم ذخيرة وعدّة وسلاحاً وعقولاً وسواعد وهمماً للبناء لا الهدم، وللإصلاح لا الإفساد، وللحياة لا الموت، وللاخضرار والنماء والتحضر والازدهار والاستقرار والأمن والرفاهية لا التقويض والتشتيت والخراب والدماء والألم والدموع والضياع ؛ إنْ لم يدرك هذا كله بعض أبنائنا المغرّر بهم ؛ فنحن في خطر !
إنْ لم نكن أبناء البلاد جميعاً واعين مدركين كل الإدراك أننا في سفينة واحدة تمخر بنا عباب هذه الحياة، وألاّ ملجأ لنا ولا مأوى ولا خيمة سوى هذا الوطن ؛ فإن خرقت السفينة ولم يؤخذ على يد السفيه لم يغرق ربانها فحسب ؛ بل سيجد جميع ركاب هذه السفينة أنفسهم في بطون الحيتان!
نعم نحن في خطر إنْ لم يصح غافلنا، ويستيقظ نائمنا، ويع مخدوعنا، ويعد إلى الحق ضالّنا، ويدرك جاهلنا أنه مسيّر لخدمة الأبالسة والشياطين اللابسين عمائم الأتقياء وقلنسوات العباد والصالحين!
فنحن في خطر.