في قمة الرياض الاستثنائية، كان الاتفاق واضحا حول ضرورة دعم مصر؛ من أجل انعقاد قمة الدوحة في موعدها، ومكانها، - إضافة - إلى عودة سفراء - السعودية والإمارات والبحرين-. فكانت خطوة مهمة في تصحيح المسار العربي، والحفاظ على الأمن القومي للمنطقة العربية، ووحدتها؛ ليتحول الموقف القطري -بعد ذلك- بالعديد من الالتزامات، والمتغيرات، والمتمثلة في دعم -الرئيس المصري- السيسي، وبرنامجه السياسي المتمثل في خارطة الطريق، ووقوفها التام مع مصر -حكومة وشعبا-؛ من أجل استقرارها، وازدهارها.
ما يستحق التأمل، أن نبذ خلافات الداخل، هو خير طريق؛ لمحاربة إرهاب يُصنع في الخارج؛ وحتى يتم امتثال قطر لشروط المصالحة، فإن عليها وقف الحملات الإعلامية بكل وسائلها -المقروءة والمرئية والمسموعة- ضد مصر، -خصوصا- قنوات شبكة الجزيرة، والكف عن المناكفات الإعلامية، والسياسية -معا-، وإغلاق بعض معاهد الدراسات الأجنبية. وتخليها -أيضا- عن دعم حركة الإخوان المسلمين -سياسيا وماليا وإعلاميا- في الداخل، والخارج، وطرد العناصر التكفيرية من قطر، الأمر الذي سيترتب عليه خروجها جزئيا، أو كليا من الارتباط الثنائي المتناغم -سابقا- مع تركيا حليفها الوثيق -، التي شكلت سياستهما الخارجية نوعا من الثنائية في الشرق الأوسط، -لاسيما- القضايا المركزية -المصرية والسورية والليبية-. -إضافة- إلى تقديمها المساعدات المالية إلى الخزينة المصرية، والتوقف عن مطالبتها بالودائع الموجودة داخل البنوك المصرية، إلى أن يتحسن الوضع الاقتصادي المصري.
التزام قطر بهذه الشروط، سيسرع من حدوث المصالحة بينها، وبين مصر، والتأكيد على ما ورد في بيان الديوان الملكي السعودي، من ضرورة إزالة ما يشوب العلاقات بين مصر، وقطر فى مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات، -وخاصة- ما تبثه وسائل الإعلام بالدولتين، ترجمه البيان الذي صدر عن الديوان الأميري في قطر، مرحبا بموقف الملك عبدالله، ومثمنا للجهود المخلصة، وحكمته المعهودة. وقد حمل بيان قطر وعداً بالتصالح مع مصر، ووقوفها التام إلى جانب مصر، وأكد أن أمن مصر من أمن قطر، وهي تحرص على دور قيادي لمصر في العالمين العربي والإسلامي.
في ظل هذه اللحظة التاريخية، وفي ظل غياب أكثر المؤثرين في صنع القرار السياسي العربي، يؤكد خادم الحرمين الشريفين -الملك- عبدالله -أيده الله-، عن رؤيته الثاقبة، وحرصه على مصلحة الأمتين -العربية والإسلامية- في هذه الظروف الراهنة، ومقدرا حجم التحديات التي تعيشها المنطقة، كتمدد الأدوار الإقليمية على حساب الدور العربي في المنطقة، وكذلك تنامي التهديدات الخارجية، والتجاذبات الدولية؛ من أجل تعميق الانقسام العربي. فكانت مبادرته الإيجابية؛ لردم الهوة بين البلدين المتنازعين، وإطلاق مبادرة التسامح، والتصالح بينهما، الذي انبنت عليه مبادرة المصالحة هذه، ودفع الطرفين إلى الحوار برعايته، وتحت إشرافه مباشرة.