تضطر آلاف المعلمات إلى العمل في أماكن نائية بعيدة عن أماكن إقامتهن بسبب ندرة الوظائف المتاحة للمرأة. ومن التجارب والدروس المريرة للكثير من الفتيات السعوديات، فقد تعلمن أن الخريجة الجامعية التي يتم تعيينها كمعلمة في مدرسة بأحد الأماكن النائية وترفضها ربما تجد نفسها في بطالة دائمة!
لهذا السبب تقبل المرأة السعودية العمل في حقل التعليم في أماكن بعيدة جداً عن مكان إقامتها ثم تجد نفسها أمام خيارين صعبين: إما الإقامة في المكان النائي بعيداً عن أسرتها، أو التنقل اليومي بين بيتها ومكان عملها في رحلة طويلة مشحونة بالمخاطر والمتاعب. ورغم صعوبة الخيار الأول، فإنه حتى عندما تقبل به المعلمة قد لا يكون متاحاً في بعض الأحيان وذلك لعدم وجود سكن مناسب. لذلك يبقى الخيار الوحيد أمام معظمهن هو التنقل المضني بشكل يومي!
ومن أكثر الأخبار إثارة للحزن ما تنشره الصحف من حين لآخر عن حوادث الوفيات التي تتعرض لها المعلمات اللاتي يعملن في مناطق نائية. فالتمسك بالوظيفة الوحيدة المتاحة لبعض النساء يكون ثمنه أن تدفع حياتها بسبب رعونة السائق أو إهماله أو بسبب سوء الطرق. ومع ذلك تتمسك المعلمات وبشجاعة تستحق الإعجاب بوظائفهن على أمل أن تتحسن الظروف ويحصلن على نقل إلى مدارس قريبة من أماكن إقامتهن.
ظلت هذه المشكلة بلا حل على مدى سنوات طويلة وحتى الآن! وظلت المعلمة في المناطق النائية تعاني من مشكلة المواصلات التي تلاحق المرأة حتى وهي تعيش في المدينة فما بالك وهي تضطر إلى قطع مئات الكيلو مترات يومياً في رحلة تبدأ قبل الفجر ولا تنتهي إلا بحلول الظلام!
نستبشر خيراً الآن إذا كُتب لقرار وزارة التربية والتعليم توفير النقل لمعلمات المناطق النائية مع مطلع العام الدراسي كما حملت إلينا وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تخفيض الجدول الدراسي لتلك المعلمات إلى ثلاثة أيام في الأسبوع وإمكانية تأخير بدء الدوام لمدة ساعة.
هذه الحلول التي جاءت متأخرة بعد طول انتظار يمكن أن تكون بداية لإيجاد حلول جذرية حقيقية لمعاناة معلمات الأماكن النائية. والمأمول هو أن تقوم «شركة تطوير للنقل» بالدور المناط بها بعد أن تم توجيهها رسمياً بالبدء في تنفيذ قرار وزارة التربية والتعليم، فهو قرار لا يحتمل التأجيل ولا التعثر. يكفي أنه تأجل وتعثر أكثر مما ينبغي حتى الآن.