منذ فترة مضت كتبت عن خصائص (مستسرع الارتقاء الوظيفي) اأو ما يعرف بـ(Fast Track Executive) واليوم سأتحدث عن ظاهرة تمثل نتيجة للتخطيط والإصرار وبذل الجهد لارتقاء السلم الوظيفي للوصول للقمة، وهي ما تعرف بظاهرة (النجم الصاعد) أو كما يشار لها في الأدبيات الإدارية بـ(Rising Star Executive) والواقع أن ما دفعني للكتابة عن هذه الظاهرة هو الحديث عن تشكيل مجلس الوزراء الجديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين وتولية عدد من الوزراء الشباب حقائب وزارية - وهناك جانب آخر مهم يتمثل في دور القطاع الخاص بتغذية القطاع العام بالقدرات القيادية سوف أتحدث عنه في مقال لاحق - ولكن أعود لموضوعي هذا اليوم، فظاهرة النجم الصاعد لوحظت عندما تخلت كثير من المنظمات في بداية السبعينات عن قيود العمر في المناصب الإدارية والتي كانت سائدة قبل ذلك، وأصبحت كفاءة الإنجاز والقيادية هي المبرر الأهم في إسناد الوظائف العليا.
في عام1982م ظهر كتاب البحث عن التميز (In search for Excellence ) للمفكرين (توم بيترز) و (روبرت واترمان) وكان أول كتاب يتحدث عن ظاهرة (النجم الصاعد)، وكان لهذا الكتاب أثر كبير في إثارة الفكر والجدل حول خصائص التميز فظهرت عدة كتب كان أهمها على الإطلاق هو كتاب (ستيفن كوفي ) المعروف بـ(العادات السبع لأبرز التنفيذيين) والذي صدر في منتصف عام 1989م ولا زال حتى اليوم بين الحين والآخر يظهر كتاب أو نظرية في القيادة والإدارة، وبحكم اختصاصي في تنمية الموارد البشرية، واطلاعي على كثير مما يكتب في هذا الشأن فقد وجدت أن ما يميز التنفيذي ويجعله نجماً صاعداً هي عشر خصائص يكاد يجتمع في ذكرها معظم المفكرين في القيادة والعمل التنفيذي، ولضيق حيز المقال سأذكرها باختصار وهي كما يلي:
1 - القدرة على التأقلم السريع مع كل دور جديد في العمل والانعتاق من الدور السابق.
2 - القدرة على التأثير في الآخرين وسرعة بناء شبكة علاقات عمل بناءة.
3 - التحفز المستمر لاختبار واعتماد الأفكار الإبداعية.
4 - اعتماد التفكير النظمي (Systems Thinking).
5 - اعتماد التنافسية البناءة مع الآخرين وتحدي الذات (Self-Challenging).
6 - احترام الآخرين وإشعارهم بذلك، وخصوصاً من يعملون بقرب.
7 - معرفة الذات من عيون الآخرين.
8 - خلق الانطباع بحب الاستماع للآخرين وتفهمهم.
9 - إبراز الجانب المرح في الذات وتقبل النقد.
10 - التواضع والابتعاد عن التصنع.
وهناك خصائص أخرى مهمة تبدو عند البعض وتضمر عند آخرين ولكن ما ذكرت هي الأهم والأبرز، والحديث عن كيفية تنميتها وإبرازها هام أيضا ومتوفر في معظم الأدبيات الإدارية، ولكن الأهم هو القدرة على ممارستها والاستدامة على ذلك، وهذا الأمر يحتاج تمرينا ورقابة مستمرة للذات وتحصين من التأثر بالقصور لدى الآخرين والعمل على إكساب الآخرين تلك الخصائص فالقيادي المتميز هو من يتعلم ويعلم غيره.
أعود للمحفز لكتابة هذا الموضوع كما ذكر في أول المقال، وهو تشكيل مجلس الوزراء من بعض الوزراء الشباب، حيث نظرت في من منهم تنطبق عليه خصائص (النجم الصاعد)، والواقع أن سيرة كل منهم تبرز بعض تلك الخصائص، ولكن الأكثر استحقاقاً لها هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، فهذا الأمير كما تبرز سيرته المهنية قد تولى عدة مناصب قبل أن يصل إلى ما وصل إليه، من أبرزها في نظري هو ماكان في الجوانب الاجتماعية والتنموية، حيث أسس جمعية خيرية باسمه (مسك) لتحفيز المساهمات الشبابية في التنمية، إلى جانب العمل اللصيق بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والذي يشار له بأربز علم من أعلام الإدارة والحكمة في البلاد.
أرجو الله التوفيق والسداد لسمو ومعالي الوزراء وأن يرفع بجهودهم من شأن هذا الوطن ويحقق لمواطنيه العزة والكرامة وحسن المعيشة.