إبراهيم بكري
«التيفو» منتج مستورد جديد في ملاعبنا السعودية, ظاهرة جمالية رائعة وسط التنافس بين المدرجات الجماهيرية. قد يسأل البعض» ماذا يعني «التيفو»؟ ومَن اخترعه؟؟ هذا المنتج تاريخه في الرياضة يعود إلى الستينيات الميلادية، ويُعتبر الإيطاليون أول من اخترعه، وكلمة «التيفو» في لغتهم تعني «الأنصار»، أي مشجعي الفريق.
وكلمة التيفو (Tifo) اصطلاحاً تختصر كلمة (Tifosi) الإيطالية.
«التيفو» عبارة عن شكل جمالي يصنعه جماهير الفريق بتناغمهم مع بعضهم برفع لوحات صغيرة؛ لتشكل صورة كبيرة، تكسو كل المدرجات.
يتفاوت الهدف من مدرج لآخر.. البعض يفضل عبارات تحفيزية لفريقه، والبعض الوفاء لرموز ناديه أو لقب اشتهر به الكيان.
من يقرأ في تاريخ «التيفو» سيجد أنه في بعض الأحيان ينحرف عن مساره وهدفه، ويكون سبباً في أزمة وصراع بين المدرجات، قد تصل إلى حد «القتل»!!
«بلد البالة مجبتش رجالة» هذه العبارة التي رفعها جماهير الأهلي المصري، وكانت سبباً في مجزرة بور سعيد، التي راح ضحيتها 72 قتيلاً!!
مدرجات الملاعب التي تحتضن عشرات الآلاف من الشباب تعتبر «قنبلة موقوتة» قابلة للانفجار في أي وقت؟؟
مهما كانت طاقتك البشرية الأمنية لو اندلع صراع بين مدرجين لن تستطيع السيطرة عليه، والشواهد التاريخية كثيرة.
«التيفو» في السعودية بدون أن تشعر السلطات المعنية يشعل فتيل «القنبلة» في ظل غياب الرقابة عليه. أصبح كل مدرج بدون استثناء يختار «العبارة» التي تحلو له بدون أي ضوابط؟؟
لا يخفى على أحد الصراع الحالي في ملعب «الجوهرة» بين أنصار الأهلي والاتحاد، كل مدرج يرفع «التيفو» بأن:
جدة إتي وبحر!!
جدة أهلي وبحر!!
وكل فريق يحاول أن يصنع عبارات تستفز الفريق المنافس، ولعل آخرها ما فعله المدرج الأهلاوي بأن فريقهم هو:
كبير جدة..
ما هو المعيار لتحديد فريق بأنه كبير منطقته؟ هل التاريخ أم البطولات؟؟
لا أستبعد أنه سيأتي يوم ما وترفع جماهير الهلال أو النصر بالمدرجات أن فريقهما:
كبير الرياض..
لن ينتهي «الصراع» هكذا إلى أن تجد جماهير تصف فريقها بأنه:
كبير السعودية.. كبير الوطن..
وكل شاب في مدرج يشعر بالغيرة من أي عبارة يعتقد أنها حق لناديه، ولن يتهاون في الدفاع عنها حتى لو تصارع مع مشجع منافس.. ثورة شاب قادته عاطفته لا أكثر..
لا يبقى إلا أن أقول:
أين الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟؟!!
ما هو دورها في مراقبة ما يرفع في منشآتها؟ لا تُعقل هذه «العشوائية».. يجب أن يكون هناك ضوابط تحدد آلية «التيفو».
أقترح هنا:
أن ترفع الأندية بخطاب للرئاسة، تحدد فيه العبارة وهيئة «التيفو»؛ لكي يتم الموافقة عليه من الجهة المعنية بدلاً من هذه العشوائية.
لو استمر الوضع كما هو عليه فسيأتي يوم ما ونشاهد فيه في مدرجاتنا «التيفو» يحتضن عبارات: سياسية, عنصرية أو استفزاز الطرف الآخر؛ لكي يحدث حينها ما لا تُحمد عقباه.
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميل بروحك. وشكراً لك.