رقية الهويريني
منذ أكثر من سنتين وشركة الغاز الوحيدة في خدمتها على مستوى المملكة تتصدّر الأزمات! فمن تسرب للغاز في أحد صهاريج نقله ـ في وقت سابق ـ وتسببه بتفجير أحد الجسور في شرق طريق خريص، أو ما يسمّى بجسر (معيزيلة)، وإحداث دوي مروع للسكان، والذي أدى إلى وفيات لبعض العابرين وخسائر مادية فادحة، وتعطيل وإعاقة لحركة السير حتى الوقت الحالي؛ إلى ما حصل مؤخراً من نقص بأنابيب الغاز المعبأة في جدة، مما أوصل سعر الأنبوبة الواحدة (25كجم) لأكثر من مائة ريال في السوق السوداء، فيما سعرها الأصلي لا يتعدى خمسة عشر ريالاً!
وقد تكبّد أهالي جدة متاعب جمة بوقوفهم ساعات طويلة لأيامٍ عدة لشراء أو استبدال أنبوبة غاز، وأغلقت عدد من المحال والمطاعم أبوابها بسبب النقص الحاد في كمية أسطوانات الغاز عدا ارتفاع أسعارها.
وبرغم الكشف عن الأسباب الظاهرة للمشكلة التي بدت عارضة وهي بالواقع عميقة، حيث تركزت بوجود فجوة ونقص في أعداد الأسطوانات التي لم تكن متناسبة طردياً مع عدد السكان المتنامي، وضعف الإمداد لمحال بيع التجزئة، فضلاً عن تعثُّر التزام الشركة بمواعيد تسليم كميات الغاز لمحال بيعه نتيجة لانعدام استراتيجيات تسيير أعمال الشركة وغموضها، بما ينبئ عن تخبُّط في حل الأزمات المشابهة، مما يتطلّب وجود حلول عاجلة أو عدم حصول المشكلة أصلاً، إذا علمنا أنه تم حلها بضخ أكثر من 71 ألف أسطوانة غاز في جدة فقط! إلاّ أنه من الضرورة بمكان السعي لإيجاد أكثر من شركة لتصنيع الغاز في المملكة، ووقف امتياز الإنتاج والتوزيع الممنوح للشركة الوحيدة، فاتساع رقعة المملكة وترامي أطرافها يجعل من المحتم إعادة النظر بهذا الشأن. وقبل ذلك ينبغي تحسين بيئة العمل الداخلية للموظفين والعمال للشركات الخدمية، من خلال إعادة تقييم الأعداد اللازمة للكوادر البشرية، وعدم اللجوء لتسريح الموظفين إلاّ بإيجاد البدائل، كما تبرز أهمية وضع خطة للخزن الاستراتيجي للغاز واشتراط الأمن والسلامة والحراسة المشدّدة، ويكون قريباً من المدن الكبرى لعدم تكرار الأزمة في المستقبل. برغم التحفُّظ على طريقة نقل الغاز بصهاريج كبيرة تجوب الطرق والشوارع وتوزيعها بالطريقة التقليدية والإهمال في تداولها مما يدخل في حيز الخطورة.
أما وقد عادت أسطوانات الغاز للتدحرج، فلعلها تذكر ولا تعاد يا أهلنا في جدة!