محمد المنيف
في زاوية سابقة بعنوان: (تشكيليون بالبرنيطة والشعر المفلول) أشرت فيها إلى تصرفات بعض الفنانبن عند حضورهم مناسبات رسمية بلباس لا يتناسب مع ما يظهر على بقية الحضور خصوصاً إذا كان الجميع من السعوديين في مناسبة داخل الوطن ملتزمين بالثوب والغترة وصولاً إلى المشلح.. حسب أهمية المناسبة.
تلك الزاوية أثارت غضب آخرين لا يعنيه الأمر فانطبقت عليهم الأية (يحسبون كل صيحة عليهم) أو كما يقول المثل (من على رأسه بطحاً يتحسسها) والقول (كاد المريب أن يقول خذوني).. فما جاء في الزاوية لا يعني من يتنقل بين المقاهي والأسواق من الفنانين بما يعشقون من مظهر أو ما شوهد من بعض من ارتاد الشارع المخصص للرسم في مهرجان تراثي في جدة في مهرجان الفنون من فنانين (رجال)، بكل ما تعنيه الرجولة؛ إلا أنهم شوهوها بمظاهر لا تليق بعاداتهم ولا بتربيتهم ولا بعادات البيئة المجتمعية التي تنتمي لها أسرهم ولم يقدروا دور إبداعهم التربوي تجاه الناشئة باعتبارهم قدوة.. كل ذلك انجرافاً خلف قشور تغطى أجساد فنانين غربيون وتكشف خلو عقولهم من احترام الآخرين، فأعجبت ذلك الزيف (بعض) فنانينا وانخدعوا بها إن كانت لباساً أو إكسسوارات (منها ربط الشعر بالبكلة، أو إضافة مساحيق على البشرة والشفايف، مع ما اعتادوا عليه من لباس لا يعرف هل هو نسائي أم رجالي) متجاهلين ومستهترين بذائقة مجتمعهم الأكثر التزاماً بقيمه وعاداته وتقاليده المؤطرة والمحفوظة والمنطلقة من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف فأصبحوا بتلك المظاهر الغربية شواذاً عن القاعدة العامة لم يجدوا بتلك المظاهر من يمنحهم الإعجاب بقدر ما وجدوا الاستهجان.
الفن يرتقي بالذائقة ويضيف للفنان التزاماً بهويته وخصوصيته ويصبح مسؤولاً عن تصرفاته وقدوة لمجتمعه يرى فيه الآخرين شيء مختلف إبداعاً وليس مخالفاً شكلاً وانقياداً خلف القبح لكسب ردود الفعل حتى ولو كانت تحقيراً له.
وبما أن الأمر وصل إلى هذا الحد من عدم الرضاء عن حرصنا على القيم والتقاليد فما شوهد في ما يقام حالياً (وقت كتابة الزاوية) من فعاليات فنية تشكيلية أو فنون بصرية قي محافظة جدة لا صلة لغالبيتها بالفن وإنما ضرب من الجنون والاستهتار بالذائقة وخروج عن النص الديني والاجتماعي، شباب يظهرون بمظاهر النساء وشابات مسترجلات وجمهور محدود يرى بعضه في مثل هذه التظاهرات الفنية مجال للسخرية والتهكم والبعض الآخر لديه من المشاعر والأحاسيس (اللاعقلية) ما يتوافق مع بعض ما يعرض، أما ما كان يجب أن يتم فهو في وضع لافتات على بعض تلك المعارض يكتب عليها (الدخول لمن هم فوق الثامنة عشرة) حفاظاً على ثقافة الأطفال الصغار لئلا يروا ما يسيء إلى ما تربوا عليه من أخلاق حميدة وتمسك بمجتمعهم السليم والنظيف من المؤثرات والتصرفات الخاطئة باسم الفن.
أخيراً أرجو ممن يريد كيل الاتهامات أو صب جام غضبه على كاتب هذه السطور أن يتأكد أنني قلت (بعض) وليس الكل مع استثناء من يتوقع أن ما نشير إليه يعنيه، فالمجتمع بخير ومحبو الفنون الراقية التقليدية أو الحديثة المبنية على احترام ذائقة المشاهد كثيرون، ولدينا فنانون عقلاء يملؤون الوطن ممسكين بأمانة قيمهم وتقاليدهم وتراثهم وبكيفية التعبير عنها أو التعبير بها يسابقون الجديد وينافسون فيه.