يوسف المحيميد
أتمنى أن يُجري أحد الصحفيين تحقيقاً مع قائدي المركبات عن شعوره حين تكون أمامه سيارة ملصق على زجاجها عبارة السائق تحت التدريب، هل يتجاوزه بحذر، أم يشاغبه بلؤم، أم يتعامل معه بلا مبالاة؟ وما معنى هذه العبارة؟ هل يضعها الكفيل حفاظاً على سيارته؟ أم حفاظاً على أرواح أسرته؟ ولماذا يضحي بأفراد أسرته وهو يرسلهم مع سائق لا يتقن القيادة، وما زال تحت التدريب؟
والسؤال الأكثر أهمية، هل هذا السائق يحمل رخصة قيادة؟ والإجابة غالباً: نعم يحمل رخصة قيادة معتمدة من مدرسة القيادة (دلة) مما يثير أسئلة حول مصداقية التدريب والاختبارات التي تقوم بها هذه المدرسة. لماذا تتهور هذه المدرسة لقيادة السيارات، وتمنح من هبَّ ودبَّ من العمالة الوافدة التي لم تركب سيارة قط، فضلاً عن أن تقودها، تمنحها رخصة قيادة؟ ببساطة، وتترك تدريبه في الشوارع العامة والمزدحمة، بدلاً من أن تدربه هي، وتعلمه أصول القيادة وفنونها؟
أكاد أجزم أن كثيراً من العائلات وأربابها لديها استعداد بدفع أي مبلغ، لتعليم سائقيها فن القيادة، ولمدة أشهر، حفاظاً على أرواح أفرادها من جهة، وحفاظاً على سيارات تفوق أسعارها مئة ألف ريال، لكن إمكانات مدرسة القيادة بسيطة ومتواضعة، قياساً بكثافة طالبي الخدمة، لذلك يبدو أن الأسهل هو منح الرخصة، وجعل ميادين القيادة داخل المدينة هي ساحة التدريب، بدلاً من التدريب داخل ساحة مدرسة القيادة!
لا أريد إلقاء اللوم على مكاتب الاستقدام التي تغش وتكذب باستقدام سائق يحمل رخصة مزورة، وهو لم يجلس يوماً أمام عجلة القيادة، لأن مكاتب الاستقدام هذه كالميت، والضرب على الميت حرام، وإلا فمن الفوضى أن يتم استقدام عامل بدائي لا يتقن شيئاً، تحت مسمى سائق خاص، ثم يتحمل الكفيل أعباء جعله سائقاً خلال سنة، وتدريبه في الطرقات السريعة، على حساب سلامة أسرته، وسلامة الآخرين.
ومن سخرية هذه العبارة (السائق تحت التدريب) أنها لا تكشف عن مكان التدريب، ولا من هو المدرب؟ إلا إذا كان مكان التدريب الوطن بأكمله، والمدرب نحن جميعاً بأرواحنا وسياراتنا وممتلكاتنا!
أعتقد أننا بحاجة إلى مدارس لتعليم فن القيادة، بدلاً من مدرسة واحدة، في مدينة يقطنها أكثر من ستة ملايين نسمة، على أن يقوم خبراء ومختصون في هذه المدارس بتعليم السائقين فن القيادة على المستويين النظري والعملي، بحيث يصبح لرخصة القيادة الممنوحة للمتدرب معنى وقيمة وفائدة، ولعل ذلك هو ما سيطور القيادة داخل مدينة كالرياض، تعج بالفوضى والرعونة والتهور المخيف.