يوسف المحيميد
في معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يقفل أبوابه اليوم، لوحظ كثرة المؤلفين والمؤلفات، فكل من يقرأ أصبح يؤلف، بل حتى من لا يقرأ أصبح يُقدم على الكتابة بجرأة، دون أن ترتعش يده لوهلة، أو يفكر بمسؤولية أن يصبح كاتباً، هذا الأمر الذي لا يحدث في الغرب، للاختلاف الكبير في مهنة النشر، بين صنَّاع الكتاب الحقيقيين، وبين ناشرين أفراد يقومون بدور محصلين ومراسلين بين الكاتب والمطبعة، ففي الغرب نجد مؤلفين كتبهم محررة ومتقنة بشكل عال، لأن الناشر يراهن على الكتاب ويعمل على تحريره وتصميمه وتسويقه، بينما الناشر العربي يقبض ثمن الطباعة من مجموعة ورَّاقين، بثوب مؤلفين، ومن هنا لا يعنيه المراجعة والتحرير والطباعة، ولا يعنيه التسويق والبيع، لأنه حسم الأمر مبكراً، على عكس النشر في الغرب الذي يقوم بالاطلاع على مخطوطة الكتاب، ويقرر شراءه من المؤلف، لذلك لا يمكن أن يقتني إلا كتابا جيدا، ثم يقوم بتحريره وتطويره، والتسويق له، كي يضمن استعادة تكاليفه وتحقيق الربح المناسب.
من هنا، انتشرت في معرض الرياض للكتاب هذه النوعية السطحية من الكتب، التي لا تحتوي أي قيمة معرفية أو علمية أو أدبية، ولا تحمل من صفة الكتب إلا الشكل، الورق والأغلفة، لمؤلفين استخفوا بالكتاب وتجرأوا عليه، ونشرت لهم دكاكين متواضعة، ليس لها سوى صفحة نشطة في مواقع التواصل الاجتماعي، تمارس التضليل بما يسمى التسويق!
صحيح أنه من حق أي شخص يتقن القراءة والكتابة أن يصبح مؤلفاً، وهو ما يحدث في أي مكان في العالم، لكنه في الغرب لن يجد فرصة النشر إذا كان كاتباً رديئاً، فليست من تقاليد النشر أن يدفع الكاتب مالاً لنشر جهده، وإنما يحصل على المال لقاء ذلك الجهد، فالكتابة مهنة صعبة وشاقة، وليست مهنة من لا مهنة له، كما يحدث في العالم العربي، وبالذات في دول الخليج.
والأغرب في حالة معرض الرياض للكتاب، أن حفلات التوقيع المقامة كانت معظمها لهذه النوعية من الكتب، لأن من شروط التوقيع على الكتب -وهذه من أخطاء إدارة المعرض- أن يكون مقتصراً على الكتب الجديدة، الصادرة لهذا العام، وأن تكون مفسوحة من قبل الرقابة العربية، لذلك غابت الأسماء الكبيرة، التي يبحث عنها القراء، ويتطلع للقائها!
نعم وزارة الثقافة ليست وصية على التأليف والنشر، وعن جودة الكتب، لأن هذا دور الناشرين، لكنها مسؤولة عن تقنين حفلات التوقيع وتقييدها بهذا الشكل، خاصة أن كثيراً من الكتاب المجهولين، الذين يوقعون كتب تطوير الذات، والطب، والخواطر، والتغريدات، يبقون لوحدهم بصحبة باقة ورد على الطاولة، وقوالب الشوكولاتة، بعد أن يوقعون لأصدقائهم في خمس دقائق، ويظل ما يتبقى من الساعة مبتسماً للكاميرا!