رجاء العتيبي
وجه آخر من الصراع بين بني البشر، يتمثل في: من يبحث عن مصلحته الشخصية مقابل شخص آخر يبحث عن مصلحة الجميع، وهذه الصورة تتضح أكثر في قائد كمهاتير محمد الذي عمل من أجل ماليزيا، مقابل القذافي الذي عمل من أجل نفسه وعائلته فضاعت ليبيا، صدام حسين الذي عمل من أجل مصلحته، مقابل الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يعمل من أجل شعبه ودولته، وكيل وزارة يعمل من أجل مصالحه، مقابل وكيل وزارة يعمل من أجل الكل. الوزير توفيق الربيعة الذي يعمل من أجل العملاء، مقابل وزير آخر ربما يعمل من أجل نفسه وأقربائه.
وقد تشاهد هذين النموذجين في مكانين مختلفين، ولا تخطئك ساعتها النتيجة النهائية لكليهما، ولكن المشكلة إن التقيا هذين النموذجين المتناقضين في مكان واحد، ساعتها سيدب الصراع بينهما، وهو صراع ( مضمونه ) من يبحث عن الاستحواذ مقابل من يعمل من أجل الإنتاج، فالذي يعمل من أجل الآخرين بقناعة وأن ذلك من مسؤولياته لا يقبل بوجود أصحاب المصالح الشخصية، وكذلك العكس، وهنا تأتي محاولة كل شخص إزاحة الآخر ليتفرغ لمهمته.
هاتان فقرتان نقدمهما كمدخل للسؤال: وزارة التعليم، ماذا تعلم؟ هل تعلم (المعلومات)؟ هل تعلم مهارات الحياة؟ هل تعلم (التعليم المالي)؟ هل تعلم (التربية)؟ وتأتي مشروعية هذا السؤال من إعادة تسمية الوزارة بـ (وزارة التعليم) بدلا من (وزارة التربية والتعليم)، ويأتي هذا السؤال أيضا بعد دمجها بالتعليم العالي، وبعد تولي حقيبتها وزير شاب هو د. عزام الدخيل.
المقترح: لماذا لا تعلم وزارة التعليم مهارات الحياة ومن ضمنها (صراع البشر) بجميع أشكاله، بدلا من الصورة المثالية التي ترسخها المدرسة في الطلاب، في حين يتفاجؤون عندما ينزلون لمعترك الحياة، بصراعات شرسة بين البشر لا يعرفون ماذا يعملون إزائها، كيف يمكن أن يدرس الطلاب (إدارة الصراع) بالصورة التي تكفل لهم النجاح في حياتهم، وإلغاء المثل الشعبي (إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب) من رؤوس الصغار.
كيف يمكن أن يتعلموا أن يكونوا (منتجين) بدلا من (مستحوذين)؟ كيف يكون الطالب إنسانا مدنيا بدلا من إنسانا ايدلوجيا، وإذا ما قلنا (بالتعليم) فهذا يعني إلغاء الفلسفة المثالية التي تهيمن على تعليمنا من زمن بعيد، والتحول إلى التعليم التطبيقي، النفعي، المنتج.
لا ينبغي أن يتغير اسم الوزارة، دون أن يتغير المحتوى، وهذا المحتوى يحتاج إلى (إدارة) جديدة تديره بحسب التوجه الجديد، فأنت لا تستطيع أن تحصل على نتائج جديدة بنفس العقول التي أوجدت (التعليم القديم).