رجاء العتيبي
منذ أن ترك غازي القصيبي - رحمه الله - وزارة الصحة وهي تأن؛ لا تطوير، لا حلول، لا رضا تاماً من المواطنين.. ورغم تعاقب الوزراء عليها في الفترة الأخيرة إلا أنها ما زالت محط تجارب وقتية، لا تلبي حاجة المواطنين.
والقرارات الوزارية التي تعيّن وزيراً، وتعفي وزيراً، تعطينا مؤشرات عدة:
الأول: أن خادم الحرمين الشريفين حريص على إصلاح هذا الجهاز من خلال ترشيح الذين يتوخى فيهم الكفاءة.
الثاني: أن المحك الحقيقي للمرشح هو العمل الفعلي، وليس سيرته الذاتية أو تجاربه السابقة.
الثالث: أن تغيير الوزير لا يعني إصلاح وزارة الصحة، طالما بقيت الكيانات البشرية في الإدارة الوسطى قابعة مكانها، لا تتغير مع تغير الوزير.
ومن جانب آخر، فإن كياناً حكومياً كوزارة الصحة لن يصلح طالما بقيت الإدارة مركزية؛ لأن الوزير (ليس شمساً شارقة)، ولأن الكيانات المتشظية منها منتشرة في بقعة جغرافية واسعة، لا يمكن أن تحيط بها إدارة مركزية. وإذا أخذنا في الاعتبار أنها على تماس مباشر مع 30 مليون نسمة (سعودي ومقيم) نعرف حينها أنها تحتاج إلى فكر إداري جديد، يلغي المركزية، ويضع لكل منطقة إدارية مسؤولاً مستقلاً إدارياً ومالياً، يعمل وفق منطقة جغرافية محددة، يمكن قياس العمل فيها، ويمكن تسريع خدماتها.
والتجارب السابقة تؤكد أن الحل ليس في وزير يأتي ووزير يغادر، ولكن في عمل (هندرة) تهدم الهيكل الإداري، وتعيده من جديد بمواصفات تلبي حاجات هذا الزمن، على مستوى الإجراءات، والتقنية، والمراجعات، والتأمينات، والموارد البشرية، والعقود المالية.
وإذا كان نجاح المنشأة يقتضي أناساً فعالين فإن أهم مواصفات الحلول الجذرية أن تأتي لوزارة الصحة موارد بشرية تفكر بالإنتاج وليس بـ (الاستحواذ).. بشر لديهم حس إنساني، لا يهمهم كم صفقة يوقِّعون، ولكن يهمهم كم خدمة طبية وصلت للمواطنين بكامل مواصفاتها.. بشر يعيدون للصحة صحتها، ويعالجون أمراض الترهل التي جعلت الوزارة (صعبة قوية) على كل وزير يأتي إليها.