رجاء العتيبي
أثبتت عاصفة الحزم، أن لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، وأن الذين كانوا يزايدون على دين الله، أو يدبجون أنواع التصنيفات للخصوم، ليسوا سوى (أصحاب دنيا)، لأن الذي يريد الخير للناس، لا يفضح ولا يسب ولا يشتم ولا يؤدلج الإسلام لصالح فئة صغيرة تريد أن تكون وصية علينا.
وأثبتت عاصفة الحزم، أن الذين كانوا أيام السلم يفتنون بين الناس (في الداخل) ويبنون
(كانتونات) صغيرة هنا وهناك، ليسوا في شيء، واتضح أن الناس يمكن أن تعيش من دون أن يكون أحد وصي عليهم، وأن الناس يمكن أن تتحد من أجل الوطن، وضد الأعداء.
إن ترتيب البيت من الداخل، هو أهم بكثير من ترويج الفتن الداخلية، فالأعداء يتربصون بنا الدوائر في البر والبحر، وعلى من كان يقول لخصومه من أبناء الوطن «نحن الأكثيرية وأنتم أقلية» عليه أن يدرك أن الوطن أكبر وأكثر وأهم من حزبه وجماعته وأيدلوجياته، عليه أن يعرف أن الله أكبر من كل شيء إذا قالها بنية صافية لا تفريق فيها ولا بغضاء.
عاصفة الحزم علمتنا أن الوحدة الوطنية التي بح صوتنا من أجلها، أنها الآن أهم من أي وقت مضى، وأن التناحر الداخلي: هذا إخواني وهذا ليبرالي لا قيمة لها ونحن تعيش أجواء حرب مع الحوثيين وأعوان صالح، حرب لا تتطلب سوى وقفة صادقة ونية خالصة، إما أن ترفع راية الوطن خفاقة، أو تترك الساحة بلا رجعة، فالبيانات والتوقيعات والتجمهر والتصنيفات والخطابات الكيدية والتهويل ومقاطعة المنتجات العالمية، والجماعات الإسلاموية، صارت من الماضي ولا نية لأحد في تتبعها.
على كل من يسعى إلى فتنة الناس في الداخل بأي فكرة كانت، أنه بات مكشوفا، فكل من
(يصيح) بصوته عاليا، من أجل أن يكون حزبه في المركز الأول، يثبت أنه إنسان دعيّ، ولا مجال لتصديقه، طالما أن الوطن آخر اهتماماته، وكل من يريد أن يفرض ثقافته على مجتمعه، بات مكشوفا، لأن الوطن (متعدد الثقافات) ولا يمكن أن تعسف الناس على ثقافة واحدة أيا كانت حتى لو كانت بأفكار توحي بأنها دينية في الظاهر، ولكنها في جوهرها أيدلوجية.
لقد أثبتت عاصفة الحزم أن نجوم (المايكات الإسلاموية) ممن يزعمون أن الملائكة تقاتل معهم، ليسوا سوى أدوات تفريق وطنية من الطراز الأول، فإما أن تكون معهم وتتبع خطبهم أو تكون خارج الدائرة، لا يقيمون للوطن أي معيار أو أهمية ويتأكد ذلك عندما تراهم يرفعون من شأن (أمة) عاصمتها الأستانة.