حمّاد السالمي
توالي حملة (عاصفة الحزم) العسكرية بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الوجود الإيراني المتمثل في الحوثيين في اليمن الشقيق.. توالي نجاحاتها، وتحقق أهدافها، وتكشف كل يوم؛ عن رفض الشعب العربي اليمني للهيمنة الإيرانية، وعزمه على دحر واستئصال عملاء وأذناب فارس من الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح.
* إن (عاصفة الحزم) التي استطاعت تكوين تحالف عربي كبير، واكتساب تآلف إسلامي وعالمي واسع، تواجه بحملات إعلامية شرسة، تقودها إيران الفارسية، وينفذها عملاؤها وخاصة من الخونة العرب، الذين مهدوا لها طريق الوصول إلى عدة بلدان عربية، ومن بينها العراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها، وهذه الآلة الإعلامية الإيرانية المخادعة، بدأت منذ ثلاثة عقود، وظلت تنخر في الذهنية العربية، وتتسلل إلى النسيج الثقافي العربي بلبس دينية ومذهبية وقومية وخلافها، وهي اليوم تأخذ موقف الدفاع حيال انفجار الوضع في اليمن، ومن قبله سورية والعراق.
* كيف ندعم (إعلامياً) مجهودنا الحربي في (عاصفة الحزم)، ونعزز من عمل اللجان الشعبية والتكوينات القبلية المناهضة لمختطفي الشرعية المهددين لأمن ومصير الشعب اليمني..؟!
* دعونا نسمي الأشياء بأسمائها.. إن للإعلام دوراً كبيراً ومؤثراً في حياة البشر في الحرب أو السلم، وما يمارس إعلامياً بين الدول المتعادية أو المتحاربة هو (حرب إعلامية) معلنة، سواء كانت حرباً ناعمة أو خشنة، وبلادنا التي استطاعت بهذه الحملة العسكرية المستحقة ضد الذراع الإيرانية المتمثلة في الحوثيين في جنوب الجزيرة العربية؛ إيقاظ الروح العربية من جديد، وإحياء منظومة (قوة الأمن العربي المشترك)، ضد كل ما يهدد العرب في أراضيهم ومياههم وغذائهم ومصائر شعوبهم؛ قادرة على قيادة (عاصفة حزم إعلامية) قوية ومزلزلة وعلى مدى طويل. الحرب الإعلامية بطيئة في نتائجها، ولكنها فاعلة في نهاية المطاف.
* هناك مهام إعلامية آنية وأخرى لاحقة. بل.. ومستدامة، تنتظر وضع خطة استراتيجية بعيدة المدى، تنقل إعلامنا العربي من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم. الحروب العسكرية الناجحة هي تلك المدعومة بحروب إعلامية مبرمجة وقوية، وحربنا الإعلامية الآنية والقادمة، هي مع عدو تغول في ثقافتنا، وتوغل في مجتمعاتنا، حتى تمكن من ضعاف النفوس، فاستولى عليهم، وركب ظهورهم، وحاربنا من خلالهم، ولهذه الحرب أكثر من جبهة تخوضها، ولا بد أن تنجح فيها، وتحقق النصر على أعدائنا.
* جبهتنا الداخلية بحمد الله؛ قوية ومتماسكة، وما ينقصنا تجاهها هو إعلام يكشف الفرق بين الخلافات الطائفية والمذهبية التي يريدها عدونا، بهدف كسب تأييد له من الداخل؛ وتصويرنا على أننا طائفيون، وبين الخلافات السياسية، انطلاقاً من أطماعه هو في أرضنا. هذه مهمة كبيرة دون شك، تضطلع بها الصحافة، والتلفزة، والإذاعة، وكافة المنابر الثقافية والدينية في البلاد.
* جبهتنا الساخنة على الحدود؛ تحتاج إلى ملاحقة إعلامية ساعية بكثير من الذكاء والحكمة، لدعم المحاربين، ولكشف حقيقة الأعداء، والوصول إلى اليمنيين المحاربين على الأرض، وتعزيز مجهودهم بشكل يومي. كان (أروين روميل)؛ القائد الميداني الألماني الشهير، الملقب بثعلب الصحراء يقول: (إن القائد الناجح؛ هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم). وهذه السيطرة يحققها الإعلام الواعي الشجاع.
* هناك جبهة خطيرة تتجاوز هذا كله، وهي التي يجب أن تبدأ فوراً وبكل قوة، لمواجهة الآلة الإعلامية الإيرانية المضللة، وخاصة تلك التي تنطلق بلسان عربي من أكثر من مكان. تفيد مصادر أن: (عدد القنوات الفضائية الموجهة من إيران للعالم - وخاصة المنطقة العربية- تزيد عن 30 قناة، وتبث إذاعات إيرانية مختلفة برامج بما يزيد عن 35 لغة، موجهة لمختلف شعوب العالم، ويغطي نشاطها الإعلامي برامج عقائدية وسياسية، إلى جانب بث الدراما والمسلسلات وبرامج الأطفال والمرأة، ولكن لا توجد قناة عربية واحدة موجهة للناطقين بالفارسية، في كل من إيران وأفغانستان وطاجيكستان وجنوبي أوزبكستان).
* إذا كانت إيران تستغل خلافاتنا العربية، وتلعب (إعلامياً) على متناقضاتنا على أكثر من صعيد، فهي في حقيقتها دولة هشة ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، ومن الممكن محاربة هذا العدو الوقح بالسلاح ذاته إعلامياً. لماذا لا نثير وندعم نوازع الانفصال عند البلوشيين والأحوازيين والأذربيجانيين وغيرهم، ندعم ونعزز بكل الطرق وخاصة الإعلامية منها. نحن نملك القدرة على توجيه ضعف عدد القنوات الإيرانية الموجهة ضدنا، وضعف إذاعاتهم، وضعف صحفهم، ونستطيع شراء ذمم بأضعاف ما هم يشترون ويؤجرون من بيننا.
* إن المجتمع الإيراني هو الآخر مخترق من سياسة بلده الفارسية، ومن الممكن تحرير المجتمع العربي والمجتمع الإيراني معاً؛ من هذه السطوة الإعلامية التي تضلل الإيرانيين والعرب على حد سواء، وتستغل الجميع بهدف تحقيق أهدافها في التوسع والهيمنة، وإعادة أمجاد فارس القديمة. إن العمل على اختراق المجتمع الإيراني ثقافياً, والعمل على تنوير وتحرير العقل الإيراني الرازح تحت سلطة سياسية توسعية؛ وسلطة دينية طائفية عنصرية, تغذي فيه عقيدة بغض العرب وتصورهم كأعداء؛ هو ما ينبغي أن يكون في صلب جهد إعلامي واسع، يؤازر الجهد العسكري الآن؛ ويبقى في مواجهة الأدوات الإعلامية الإيرانية التي تعبث في ثقافتنا، وتسمم مفاهيمنا ليل نهار، حتى يعرف أكبر وأصغر فارسي في حكومة الملالي التوسعية، أنه: (كما تدين تدان)..