د.ثريا العريض
لننظر إلى التحديات التي تواجه منطقة الخليج من منظور تصنيف عالمي وإقليمي، وضرورة اتخاذ خطوات تؤطر العمل الخليجي أو بمنطقة الجزيرة أو حتى العربي بتوجه نحو التكامل.
ولنبدأ بأن السياسات بين الدول البعيدة هي مسألة مصالح متبادلة، ولا صداقات تدوم.
صحيح ليس عصر استعمار للموارد، ولكنه عصر استفادة من العلاقات لخدمة المصالح الاقتصادية والأمن.
العلاقات الإقليمية الإيجابية بين دول أي جوار تصبح ضرورة للبقاء في وجود قوى كبرى أولويتها لمصالحها.
ودول الخليج تدرك هذا منذ أيام الانتداب والمحميات والساحل المتصالح، وتدرك أيضا أن الحدود السياسية لم تمنع الأصول العائلية والقبلية من الحضور عبر الخارطة؛ ما أبقى الانتماء قويا سواء بين المواطنين أو الأسر الحاكمة عبر الحدود المستجدة على الصحراء والسواحل.
كان تأسيس مجلس التعاون بذرة طيبة، وإن لم يتم تفعيل كل إمكانيات إثمارها كما يجب. هذا التفعيل ضروري للعبور من مرحلة التعاون المتراخية التطبيق إلى مرحلة توحيد المصالح والإجراءات لحماية مستقبل أمن المجموعة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
لنواجه هذه التحديات بصورة فعالة نحتاج وضع إجراءات تخدم صالح الجميع، ولا تخل بتركيبة المجتمع، أو تتضارب مع أصالته، أو تعرض أمنه للخطر على أي من الجبهات أعلاه.
كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قياديا رياديا بمنتهى الحصافة والجرأة حين أخذ بزمام المبادرة في إيقاف الصراعات اليمنية الداخلية بين القيادة الشرعية والمتمردين الحوثيين، قبل أن تستشري إلى الجوار السعودي.
وهو في هذا يتبع نهجا ابتدأه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بنظرة وبتوجه مستقبلي، حمل هم استدامة الأمن والاستقرار الاقتصادي في الجوار الخليجي حين نصح بالارتقاء بمجلس دول التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مستوى الاتحاد.
وليت ما اقترحه يتحقق سواء بشكل اتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي، أو فدرالية كالولايات المتحدة أو كونفدرالية، حيث فعلا أفضل الإستراتيجيات هي استراتيجية التكامل لتحقيق الأمن والاستقرار وحماية الحدود وإعادة التوازن كما فعل الاتحاد الأوروبي، وكذلك اتخاذ القرار بصورة موحدة تخدم احتياجات كل الأطراف، وتنسيق المشاريع للتكامل المجتمعي والاقتصادي لحل مشاكل أكثر من طرف في إجراء موحد.
ولو تم الاتفاق على الاتحاد فستسعد الشعوب بالتكامل. وأرى الهيكلية المدروسة ضرورية. قد تضم مجلسا أعلى يتكون من رؤساء الدول.
ولابد من الاتفاق على دستور اتحادي يحدد المسؤليات والحوكمة وحقوق المواطنين، ومجلس برلماني منتخب، ومجلس شورى اتحادي معين من سلطة كل دولة يضم أعضاء وعضوات من كل دولة حسب معادلة ثقل تناسب تعدادها السكاني.
قد نبدأ بتوحيد إجراءات جهاز الأمن والمرور من حيث التعاون المعلوماتي والتدريب والتعامل مع الجمهور، وتفعيل الأوراق الثبوتية الموحدة كبطاقة هوية خليجية عامة والتنسيق في شبكات المواصلات والنقل والاتصالات التواصل.
ولابد أن يتفق لاحقا على تفاصيل الإجراءات الرسمية الأخرى مثل: عملة خليجية موحدة ترتبط بسلة عملات عالمية، والإجراءات الجمركية الموحدة ، وإلى تأسيس نظام سجلات صحية مرتبطة بشبكة مركزية عبر الدول في منظومة التكامل.