رجاء العتيبي
يتفاعل د. عبد الله الغذامي في تويتر بصورة إيجابية، لا يسب ولا يشتم ولا يحظر أحدا، ويتقبل النقد، ولا يفرض رأيه، ويدخل في وقت محدد ويخرج في وقت محدد، يتحدث بما يمليه ديدنه الحياد العلمي، لا يسوق لنفسه، ولا يفتخر، يهمه القارئ والخطاب واللغة والأنساق.
وفي أثناء متابعتي له غرد قبل أسابيع بما ملخصه أن النجاح وليد ظروف خارجية تتضافر في دعم الشخص، ولا يعود إلى ملكات شخصية وحدها، ولا يفوت بالتأكيد على أستاذنا الغذامي، أن هذا المعنى معنى جدلي: هل الإنسان يصنع الظروف، أم أن الظروف تصنع الإنسان؟ وفي تقديري أن الأمر غير هذا وذاك، إنه يعود إلى (كيف يفكر) ذلك الإنسان أثناء مسيرة حياته بكامل ظروفها، وكيف يتعامل (بسياسة) وحنكة مع ذاته ومع ما حوله.
معظم الناس لا يفكرون، وأفعالهم ليست سوى ردود أفعال للظروف، والنتائج هنا تكون (يا صابت يا خابت) وحسب النتيجة يكون الحكم على مهارة أو رعونة الشخص، وعلى الظروف إن كانت معه أو ضده.
طريقة التفكير هي التي تحدد نتائج الإنسان في الفشل أو النحاح، أما الظروف الخارجية أو الملكات الشخصية فليست سوى أدوات مرهونة (للتفكير)، والتفكير ليس (ملكة شخصية) لأنه أكبر من ذلك، هو حالة وجود ولا يمكن أن نقارنه بمهارة جسدية أو معلومة أو حكمة أو تجربة.
الإنسان كمفكر (يؤثر ويتأثر) بمحيطه، ولا يمكن أن يهزم الإنسان ظرفا طالما يفكر بشكل سليم، وكما قال الغذامي ذات مرة: «الصراع الحقيقي بين من يعرفون وبين من لا يعرفون» على اعتبار أن الذي يعرف أكثر، بالضرورة ينتصر، فأمريكا التي (تعرف) أكثر من أي دولة أخرى مازالت مسيطرة دوليا، وستخسر عندما تقل معرفتها وتتفوق عليها دولة أخرى معرفيا.
هذا بشأن التغريدة، ولكن الأهم من ذلك كله، أن تتداخل مع قامة فكرية كالغذامي، لأن الحوار سيكون ثريا معه، كما كان يفعل عندما كنا نتلقى على يديه دروس النقد والنظرية والأدب، ولعل ذلك يكون مدخلا لزيارته في منزله، بعد غيبة طويلة عنه.