د.ثريا العريض
حاليا مصادر الدخل في دول الخليج: إما النفط أو التجارة أو الخدمات التجارية والسياحية والتسوق.
الدول النفطية قد تتعرض لفقدان مصدر الدخل لو استجد مصدر بديل للطاقة، مثلما تعرضت له تجارة اللؤلؤ سابقا حين استجدت تقنية استزراع المحار الاعتماد على صرف الحكومة على الفرد بصورة اتكالية لن يكون ممكنا. حاليا النفط يتراجع ولا يوازنه نمو في التصنيع والتدريب.
واضح أن الأولويات التي تساهم في الاستقرار الاقتصادي تؤسس أيضا للاستقرار الأمني، ويأتي معظمها تحت مظلة بلورة السياسة السكانية، وتفعيل مبدأ التكامل عبر فتح باب العمل للخليجيين المؤهلين والتدريب لغير المؤهلين. وكذلك الفيزا الموحدة وشروط العمل للوافدين لغير الخليجي تسجيل البصمات والمشاركة في معلومات الأفراد.
لا شك أن استراتيجية التكامل ستفيد خاصة اقتصاديا وقد نستغني بها عن الحاجة للجوار البعيد إلا في صورة مستهلك منتجاتنا. بعض الدول الخليجية مثل السعودية لديها طاقات بشرية وبعضها مثل الإمارات وقطر لديها قدرة استيعاب لليد العاملة الخليجية والتوطين. من هنا لا يمكن تهميش ضرورة تغيير النظرة العامة لعمل المواطن وضرورة التدريب وضرورة التخطيط لتصحيح الأوضاع الاجتماعية السائدة: مثلا فروقات الدخل الفردي؛ العمالة الوافدة نسبتها إلى السكان في دول الخليج ؛ مكافحة الجريمة الوافدة ؛ تمكين المرأة؛ الحقوق الإنسانية وحماية المواطن؛ التعاون الأمني إقليميا.
من أهم الخطوات المطلوبة لاستقرار منطقة الخليج بصورة تكاملية على مستوى المجتمع، فتح المجال لتحرك اليد العاملة والعقول المؤهلة بحرية بين الدول الأعضاء - وقد تضم اليمن - للعمل في المناطق الأخرى فتحل بذلك مشكلة خطر الاعتماد على اليد العاملة من دول بعيدة لاتشترك مع المنطقة لا دينيا ولا لغويا ولا قيميا.كما سيقدم هذا حلا لتصاعد البطالة بين المواطنين في الدول العالية السكان، وتتيح فرصة للأفراد لتحقيق طموحاتهم المعيشية دون تزاحم على الفرص المتقلصة في مسقط رؤوسهم.
ومتى ما انكسرت شوكة الشعور بعدم الاستقرار ماديا ونفسيا ستنطفئ أيضا شعلة عدم الرضى، وقابلية الاستجابة للتأجيج وتهديد الأمن والاستقرار. وقد تدرس إمكانية ضخ مواطنين في الدول الأعضاء التي تحتاج زيادة مواطنيها باتخاذ إجراءات موحدة تشمل تجنيس المواطنين من الدول الأعضاء.. كما يمكن تجنيس البدون من أبناء الأرض ومنح حق الجنسية لأبناء المواطنات.
مهم جدا أن يتم التعامل مع التداعيات السلبية لتضخم أعداد العمالة الخارجية وخطرها على الأمن والاقتصاد، بصورة منطقية تتجاوز الانفعالات العاطفية والعادات المجتمعية، وذلك بفرض إجراءات رسمية موحدة لإصدار تأشيرات العمل وحصر وتقييد التحويلات البنكية للمستقدمين، وتأسيس نظام مركزي اتحادي للاحتفاظ بالمعلومات الأمنية حول كل مستقدم، والتأكد من عدم تمكن من يخرج بتقييم سلبي من موقع خليجي ما، من معاودة الدخول إلى المنطقة من موقع آخر.