فوزية الجار الله
ليس أسوأ مما حدث.. يوم جمعة صيفي قائظ، في شهر كريم أوله مغفرة وأوسطه رحمة وآخره عتق من النار.. شهر كريم تضج فيه قبة السماء بتكبيرات المساجد ودعوات المؤمنين، ثم فجأة يحدث انفجارٌ مفاجئ في الكويت وقبله انفجاران في السعودية مؤخراً.. كلما تناهى إلى سمعي مثل هذه الأخبار كلما زاد قلقي وحزني بسبب توقعات أحداث قادمة الله وحده يعلمها، أعاني وجعاً وألماً لأكثر من سبب، ليس لأجل نفسي وحسب لكنني حزينة لأجل دول الخليج والعالم العربي التي أصبحت هدفاً واضحاً لأعمال شيطانية، وأيضاً أشعر بالأسى والأسف على أولئك الشباب المختطفين المغرر بهم الذين أصبحوا وقوداً لحرب طائفية خفية بدأت تتمدد وتزداد بشراسة، لكن إيماننا بالله أقوى ويقيننا بعدالته ورحمته سبحانه تدفعنا إلى مزيد من المقاومة والصمود لأجل حياة خالية من جحيم الطائفية والأفكار المنحرفة التي تحرق صاحبها أولاً قبل أن تمتد إلى من هم حوله: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) سورة الأنفال.
(2)
مؤخراً اطلعت على كلمة أعجبتني لإحدى المسؤولات الخليجيات، وكنت على وشك اعتمادها ونقلها على حسابي في «التويتر»، لكنني حين بحثت حولها فُوجئت بوجود أكثر من مادة فيديو لها تتضمن مناقشات صاخبة، ووجدتها للأسف تتسم برفع الصوت والخروج عن الأدب والذوق في الحديث، مما جعلني أتوقف عن ذلك الحماس وأدير وجهي للاتجاه الآخر، لماذا يعتقد البعض بأنه كلما كان أكثر حدة وشراسة في مناقشاته، كلما كان ذلك دليلاً مؤكداً على نجاحه؟! العكس هو الصحيح رفع الصوت يدل غالباً على غياب الحجة واختلال التوازن المعرفي وربما الفكري!
(3)
بما أننا في الشهر الكريم، وهو بالنسبة لكثيرين بما فيهم أنا هو شهر هادئ يبدو مناسباً جداً لكثير من التأمل والقراءة، رغم أنها تقلصت كثيراً بسبب تمدد التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي!
* * من أجمل الكتَّاب الراحلين عن عالمنا والذين دأبت على قراءتهم الكاتب المصري محمد مستجاب، رحمه الله، عرفته من خلال زاويته «واحة العربي» التي كان يكتبها في مجلة العربي الكويتية ثم أصدر كتاباً بنفس الاسم، (ولد محمد مستجاب في عام 1938 في مركز ديروط وهو ضمن مراكز محافظة أسيوط بوسط صعيد مصر، وتوقف دراسياً عند شهادة الثانوية ليلتحق للعمل في مشروع بناء السد العالي في الستينيات..) هكذا كتب عنه أحمد مصطفى علي ويكمل قائلاً: لن يمكننا بالطبع أن نصف حالته الإبداعية، إلا بالرجوع إلى كتاباته، وما دمنا نتحدث عنه شخصياً، فهو القائل عن نفسه بطريقته المعتادة الساخرة «ولدٌ ذكرٌ من صلبك، تضيع عينه اليمنى جهلاً واليسرى ثقافة، يهلك أطناناً من التبغ والورق وأبيات الشعر والشاي ومكعبات الثلج وآيات التكوين والمبادئ والملوك والخفراء والثرثرة والشعارات والوزراء، يكون رءوماً قلقاً جامحاً، جامعاً لصفات الكلاب والعصافير والحنظل والحشرات والأبقار، يداهمكم بقصصه القصيرة، حتى يقضي نحبه مجللاً بآيات الفخار في العراء على قارعة الوطن».