سعد بن عبدالقادر القويعي
في مظلومية تاريخية تعكس حجم الظلم، والتآمر، والاستهانة، تظهر صورة -لقائد الحرس الثوري الإيراني- قاسم سليماني، وهو برفقة قيادات من ميليشيا الحشد الشعبي ضد أهل السنة في الفلوجة، التي تطوقها قوات مشتركة من الجيش العراقي، وميليشيا الحشد الشعبي، التي سيسند إليها عملية اقتحام المدينة. الأمر الذي تسعى إليه إيران، وذلك بالدفع بقائد حرسها الثوري؛ للحفاظ على مصالحها -هناك- عبر بقاء النظام السوري، والدفاع عن الحكومة العراقية، وبقائها في وجه الخطر -كما زعموا-، والنفوذ المتنامي لداعش -خصوصا- في العراق.
كما تسعى إيران إلى تقويض الدور الذي تلعبه العشائر السنية في القتال على الأرض؛ ولتكشف تلك الحقائق على المشهد -أيضاً-، إلى أي مدى يعيش سنة العراق في مأزق، بين مطرقة العبادي، وسندان تنظيم داعش الإرهابي.
أصبحت قرارات استعادة المدن العراقية من قبضة تنظيم داعش، والتخطيط لإدارة المعارك، وأولويتها تتأثر بإرادة ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران؛ ولكن في عمق الأزمة، فقد شكلت الفلوجة أيقونة المقاومة العراقية للاحتلال الأميركي، -وفي المقابل- أرادت إيران، وميليشياتها الشعبية أن تكون في مقابل الأمة -كلها-؛ ولتدخل معركة اجتياح الفلوجة، التي أعلن عنها قادة الحشد الشعبي الطائفي مرحلة التنفيذ على أرض الواقع؛ من أجل اجتياح تلك المدينة الصامدة، وتدميرها على رؤوس أهلها، بل ومحاولة إبادتها إن أمكن.
المؤكد أن الفلوجة المقاومة ستصمد في وجه قوات الميليشيات الإيرانية، كما صمدت في وجه قوات الاحتلال الأمريكي، إذ من المتعارف عليه سياسياً، أن تدابير مكافحة الإرهاب لن تنجح إذا لم يرافقها جهد؛ لمعالجة نوعية القيادة السياسية في العراق، ونهجها في الحكم.
وكما يصف الحال السيد أبو داود، فإن الحلول العسكرية لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها ما لم تسبقها، أو على الأقل تتزامن معها حلول مجتمعية تتعلق بالمصالحة الوطنية، والتسامح، بما فيها تلبية الحقوق التي خرج من أجلها المتظاهرون السنة، واستمرار كيل الاتهامات للمعتصمين، والكثير من الجهات المشاركة في العملية السياسية، مع استمرار التأزم في الجانب الأمني، يعني استمرار التخبط، والعشوائية.
وبعبارة أخرى، فإن الملف الأمني لا يمكن حله -من خلال- جهد المؤسسات الأمنية، والعسكرية -وحدها-، دون أن تكون هنالك إصلاحات سياسية، وتحقيق الشراكة القائمة على المصالحة الوطنية، وتنفيذ مطالب المتظاهرين السنة المشروعة، وسياسة التسويف.
-وعليه- فإن المماطلة بتنفيذ المطالب، تعني استمرار نزيف الدم العراقي، كونه يوجد بيئة لنمو تنظيمات إرهابية كداعش، والقاعدة، ومليشيات الغدر، والخيانة الشيعية.
إننا لسنا سعداء بما سيجري على أرض الفلوجة من إبادة جماعية لأهلها، والقول بأن الحشد الشعبي، هو المخلّص الوحيد للعراق من خطر السنة -على أنفسهم-، وعلى العراق، وعلى المنطقة، هو واقع جعل من -قائد الحرس الثوري الإيراني -قاسم سليماني جزءا من مفردات المشهد الأمني في العراق؛ حتى أصبح وجوده على جبهات القتال شبه دائم، -إضافة- إلى الدور الذي يتولاه من تخطيط لسير المعارك، وإدارتها، بعيدا عن الجيش العراقي الرسمي.