سعد بن عبدالقادر القويعي
جاءت التفجيرات الإرهابية الخطيرة في محافظة شمال سيناء، التي تمثل نحو 6.25% من مساحة مصر -تقريباً-، وتعتبر بوابتها الشرقية، وحلقة الوصل بين المشرق، والمغرب؛ لتطرح علامات استفهام خطيرة حول ظاهرة تنامي التنظيمات الإرهابية في الداخل المصري، التي اتخذت مسميات مختلفة، كاشفة عن تحولات نوعية، تمثلت في كثافة الهجمات، ونوعية السلاح المستخدم، عززت -مع الأسف- مخاطر الوضع الأمني الهش في تلك المنطقة الحدودية، وإن توحدت أهدافها في إلحاق الضرر، والخراب، والدمار بالدولة المصرية.
ما تواجهه مصر -اليوم- هو إرهاب منظم، بعد أن دخل شمال سيناء في سلسلة طويلة من العنف، واتسعت رقعة المواجهات بين الجماعات المتشددة، والدولة، -خصوصاً- وأن التنظيمات الإرهابية تبدو أكثر فعالية، وقدرة على الحشد، والتعبئة، والتجنيد في البيئات الهشة، والفقيرة؛ ليتكشف المزيد -مرة بعد مرة- عن السواد، والفظاعة، والألم التي يمكن أن يصل إليها الإرهاب؛ الأمر الذي سيجعل من المواجهة عدم اقتصارها على المواجهة الأمنية، وإنما تتعداه إلى بناء حراك فاعل على كافة المستويات الفكرية، والثقافية، والإعلامية.
في البعد الإستراتيجي، يتحدث الخبراء في هذا المجال، -خصوصا- فيما يتعلق بالجانب الجيوستراتيجي، والجيوسياسي، بأن الأطراف المتصارعة، أو المتنافسة، قد تعمد إلى تغيير قواعد الاشتباك في دائرة المصالح الأضيق، والأصغر إذا كانت قادرة على ضبط إيقاعها، مستبعدة الانتقال إلى الدائرة التالية، أو الأكبر، أو العكس. وهنا كما يقول -الأستاذ- حسن فحص، فإن الحدود المصرية الإسرائيلية، وقطاع غزة الفلسطيني، يقعان في إطار الدائرة الأصغر في الصراع القائم بين أبرز لاعبين إقليميين، هما: إسرائيل، وإيران، -لاسيما- وأن كلا الطرفين لا يرغب في فتح نقاط صراع أخرى بينهما، -خصوصا- على الجبهتين السورية، واللبنانية؛ لعدم قدرة كليهما على ضبط إيقاعها، وإبعادها، وحصر تردداتها، ومنع تحولها إلى حرب إقليمية، أو دولية.
بقي أن يقال: إن استعادة الانضباط الأمني في شبه جزيرة سيناء مطلب مهم، لا يمكن إرجاؤه في ظل أبعاد، وتداعيات التهديدات الأمنية المتصاعدة، وقراءة انعكاساتها على الأمن القومي المصري -في الفترة الأخيرة-؛ ولأن مصر تدرك حجم الخطر المحدق بها، -إضافة- إلى التحديات الإستراتيجية المتعددة، إلا أنها قادرة على دعم أسس الاستقرار للدولة، وتحقيق السلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع.