فهد بن جليد
الشفافية الكبيرة التي تعاملت بها وزارة الداخلية مع الحادث الجبان الذي وقع ظهر أمس (الخميس) في مسجد قوات الطوارئ الخاصة بعسير، وتزويد وسائل الإعلام بالحصيلة الأولية لعدد الشهداء والمصابين - بشكل سريع - رغم أن الحادث وقع في (مبنى أمني) يفترض أنه بعيد عن الأعين والكاميرات، تؤكّد الرقي في التعامل مع المواطن ووسائل الإعلام، وتقديم الحقيقة وعدم حجبها!
لو كان هذا (الحادث الغاشم) وقع في دولة أخرى، لربما تم التكتم عليه، ومُنعت وسائل الإعلام من التعاطي معه، ولكن الخبرة الكبيرة لوزارة الداخلية السعودية في التعامل مع ملف الإرهاب، تؤكّد أن المواجهة تتطلب المصارحة والمكاشفة وعدم حجب الحقيقة، لجعل المواطن والمقيم على علم بما جرى، ولقطع الطريق على محاولة إثارة الفتنة، وزعزعة الأمن، ونشر الشائعات حتى بين رجال الأمن أنفسهم!
هذا التعاطي يؤكّد احترافية الجهة الإعلامية بالداخلية، ليقف المواطن والمقيم (صفاً واحداً) بجوار رجل الأمن، من أجل محاربة خوارج هذا العصر، والقضاء على هذا الفكر الضال!
العقل السوي يطرح سؤالاً بسيطاً: أين تم استهداف (رجال الأمن)؟ ألم يكن في بيت من (بيوت الله)؟!
لذلك فلنستنتج التالي: أيهما على حق؟ من قصد بيت الله للصلاة مع جموع المسلمين، أم من تسلَّل متخفياً ليُفجّر؟!
أي جهاد في تاريخ الإسلام كان عنوانه (قتل الركّع السجود)؟ ممن يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ إنه بغي وظلم واعتداء آثم، وخلاف لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فهناك فرق بين من جاء ليرفع ذكر الله، ويعمر المسجد بالطاعات والعبادات، ومن جاء لتدميرها ونشر الخوف بين قاصديها، وهو من توعَّده الله بقوله (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) البقرة 114 .
استهداف رجال الأمن عمل قذر، ومحاولة فاشلة لزعزعة الاستقرار، والقفز على النجاحات الكبيرة والسابقة لوزارة الداخلية، لكشف وإحباط مثل هذه العمليات الإرهابية، ليفقد المواطن الثقة في رجل الأمن، أو يفقد رجل الأمن الثقة في نفسه - لا سمح الله - ولكن ردة الفعل الكبيرة والرافضة لهذا العمل بين أوساط المواطنين، ومرتادي وسائل التواصل الاجتماعي، تجدد ثقتنا في رجال أمننا المخلصين، الذين منعوا العشرات من الحوادث السابقة، وها هم يقدّمون أرواحهم نتيجة لذلك!
كلنا اليوم رجال أمن، فلنقترب أكثر من أبنائنا، ونحتويهم لنتكاتف جميعاً في رفض الأفكار الضالة!
لن ننسى شهداءنا من رجال الأمن، وندعو للمصابين منهم بالشفاء، ونثمّن عالياً الدور البطولي لكل (رجل أمن) يقف الآن في الميدان وعلى الثغور، نصركم الله يا حماة الوطن.
وعلى دروب الخير نلتقي.