جاسر عبدالعزيز الجاسر
الثورة الشعبية التي تشهدها المحافظات الجنوبية في العراق تنبئ بأن العراق مقبلٌ على تغيُّرات مهمة إن أحسنت الجماهير إدارة الصراع ضد القوى الطائفية والعنصرية المتسلِّطة ومنعتها من (ركوب) موجة التظاهرات وسرقة الثورة مثلما حصل في بلدان أخرى.
الثورة العراقية الحالية التي أجبرت مرجعية الشيعة في العراق على تأييدها، جاءت عفوية ونتيجة طبيعية لمعاناة المواطنين في بلد غني ابتلي بعصابات تسلَّقت سدة الحكم فسرقت أموال الشعب.
العراق يعد الدولة الثانية في تصدير النفط، وفوق هذا يعد بلداً منتجاً زراعياً مكتفياً ذاتياً، حاصره الغرب عقدين من الزمن في عهد الرئيس الراحل صدام حسين ولم يعلن إفلاسه ويستجدي الآخرين مثلما وصل إليه بعد حكم من أحضرهم الاحتلال، والذين أوصلوا العراق إلى أعلى مرتبة يصل إليها قطر في الفساد، ففي غضون ثماني سنوات من حكم نوري المالكي سرق من قوت الشعب العراقي ثمانمائة مليار دولار.
نعم 800 مليار دولار وهو رقم يشكِّل أكبر سرقة في التاريخ قامت بها حكومة مما ينصِّب نوري المالكي كأكبر لص في التاريخ، هذا اللص الذي تضخّمت ثروته حتى أصبح ينافس أثرياء لندن ودبي وبيروت بدلاً من أن يزج به بالسجن ويحاكم على سرقاته، كوفئ باختياره نائباً لرئيس الجمهورية. صحيح أن المنصب ليس له صلاحيات إلا أنه يمنح السارق حصانةً ويحميه من المحاكمة ويزوِّده بجيش من الحراس الشخصيين.
والآن وبعد ثورة الشعب العراقي التي جعلت المرجعية في النجف تسارع إلى تأييدها، تحرك رئيس الوزراء حيدر العبادي وطلب إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ومع أن هذا الطلب يحتاج إلى موافقة ثلاثة أخماس مجلس النواب العراقي الذي يسيطر عليه النواب الشيعة ومنهم من يؤيِّد نوري المالكي ويشاركه في سرقاته بعد تلقيه العديد من الرشى فإن الخطوة تشير إلى أن العبادي والمرجعية والذين يساندون الحكم الطائفي يستشعرون الخوف من تنامي الثورة الشعبية التي رفعت شعارات (طرد حاصلي الجنسيات المزدوجة)؛ وهم تقريباً جميع نواب ما يُسمى بالتحالف الوطني حملة الجنسيات الإيرانية والبريطانية والأمريكية، وبالتالي فإن الثورة الشعبية العراقية موجهة ضد الفاسدين والعملاء معاً، ولهذا تحاول الجماعات المنتمية إلى هذه العصابات خطف الثورة والتسلّق والاندساس في صفوفها لجرفها عن هدفها، حيث يحاول قيس الخزعلي وهادي العامري طرح نفسيهما كقائدين للتظاهرات في بغداد، وهو ما رفضه المتظاهرون في البصرة والناصرية والعمارة والسماوة والحلة، إذ أعلنوا أن هؤلاء هم من رؤوس الفساد ويحملون جنسيات إيرانية ولاؤها لغير العراق ولذا يجب طردهم من صفوف الثورة وإلا جرفوها مثلما فعل جماعة مرسي في مصر.