فهد بن جليد
يستحق الصديق الراحل سعود الدوسري - رحمه الله - هذا اللقب بجدارة ، فقد أعاد (رحيله المفاجئ) الهيبة للإعلامي العربي، في وقت اعتقدنا جميعاً أن الإعلامي بات ( تاجر شنطة) نتيجة التأرجح الذي يعيشه كل من يشغل هذه المهنة!.
سعود - رحمه الله - كان إنسانا هادئ الطباع، حنونا على زملائه، يعشق العمل بهدوء بعيداً عن الصخب والجلجلة التي ابتلي بها معظم أقرانه في المهنة، لذا أثبت لنا جميعاً أن حب الجماهير، وعشقهم الجارف، لا يأتي بكثرة (الصراخ) لإثبات الحضور من خلال مناكفة المجتمع، أو القفز على نجاحات الآخرين (بضيق الأفق)، والبحث عن (الشهرة الزائفة) بالحسد الإعلامي!.
قدم لنا سعود اليوم درساً ثميناً، وأثبت نظرية إعلامية يستحق أن تسجل باسمه وهي ( يحبك الجميع، متى ما أحببتهم بصدق)، فقد عاش مُحباً لكل من حوله، مُتصالحاً مع نفسه ومع الآخرين، لا أذكر يوماً أن صوته قد ارتفع معاتباً أو مُنتقداً من يعملون حوله، فقد كانت دماثة خُلقه أيقونة لا يُجيدها غيره، لأنه ببساطة لا يتصنع الحب، ولا يتجمّل به فقد كان (جميلاً بالفطرة) مُحباً بوعيه، صادقاً برقيه، وابتسامته الأخاذة!.
سعود - رحمه الله - كان أنيقاً في كل شيء حتى في رحيله، فقد ترك (دمعة ترثيه) في كل مدينة، ولساناً يلهث له بالدعاء من كافة الشرائح، عندما هزمنا جميعاً بهذا التأثر الكبير، والتعاطف معه، والدعاء له - كدليل قاطع - على حجم الحُب الذي ملأ به الدنيا، إعلامياً نقياً يحمل ابتسامة أخاذة تأسر كل من عرفه - حتى من خلف الشاشة - كل إعلامي اليوم يتمنى الحصول على ما حصل عليه ( سعود ) من حب جارف، وشهرة بلغة ذروتها بعد أن توقف قلبه، وسكت لسانه!.
هل سيستوعب (زملاء المهنة) الدرس الذي قدمه لنا الراحل؟ بأن الحسد، والمُناكفة، والصراع، والتنافس القبيح، والبحث عن أخطاء الآخرين، و (الكيل بمكيالين) لن يجلب الحب والشهرة؟!.
حتماً إن سعود - رحمه الله - عمل في السر خيراً، وحمل في قلبه سراً، لذا رثاه الجميع بالخير علناً، والناس شهود الله في أرضه، رحمك الله يا أمير الإعلام، وغفر لك، ورفع ذكرك في العليين، والحقنا بك مع الصالحين الأنقياء الأتقياء.. إنه على ذلك قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.
وعلى دروب الخير نلتقي.