أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: مضى في كل ما سبق: أنَّ الفرحَ المنسوبَ إلى الله في نفسه سبحانه وتعالى، وأنَّ الفرحَ المنسوبَ إلى الله؛ وهو الذي أَوْدَعَه في قلوبِ عباده: هو كُلُّه رحمةٌ من الله، وتذكيرٌ بنِعَمِ ربِّهم؛ ليشكُروا ربَّهم؛ فيزيدهم..
كما مَرَّ في كلَّ ماسبق أنَّ الْفَرحَ المنسوبَ إلى قلوبِ العبادِ مِن فعْلِهم: إنما هو خَبَرٌ من الله عَمَّا في قلوبهم؛ وجَمْهرةُ كلِّ ذلك غيرُ مرتبطٍ بِمَدْحٍ أو ذَمٍّ؛ ومنه قليلٌ مُرْتبِطٌ بالذَمِّ، والأكْثرُ مِن ذلك القليل ممدوحٌ؛ لأنَّهُ فَرَحٌ بما يُحِبُّه الله ويفرحُ به الفَرَحَ اللائقَ بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى؛ فَالْمُتَعَيِّنُ على عباد الله أنْ يفرحوا بما يُحِبُّهُ الله؛ فإذا كان إيمانُهم صادقاً: فإنَّ إيمانَهم الذي أنعمَ الله به عليهم هو الذي يَغْرِسُ في قلوبهم حُبَّ ما أحَبَّهُ الله لهم.. وأمَّا بُغْضُ ما أبغضه الله: فَيَغْرِسُهُ أيضاً إيمانُهم الصادقُ الذي أنعم الله به عليهم؛ وأمَّا حَزَنُهم على عدمِ تمَكُّنِهم مِن أداءِ ما أحَبَّه الله في نفسه سبحانه، وما أحبه لهم كعجزهم عن الجهاد؛ لِفقرهم كفقراءِ الصحابة رضي الله عنهم جميعاً الذين قال الله عنهم في سياقِ رفع الحرج: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} [ سورة التوبة / 92]، ولقد قَرَنَ ربنا بمغفرته ورحمته لهم؛ لفقرهم: الْمَثُوبَةَ لهم؛ وذلك بِسببِ حُزْنِهم: {حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}، وقد بينت النصوصِ الشرعيةُ الصحيحةُ: أنَّ الله يَأْجُرُ عبده على حُزْنِه، وعلى الشوكة يُشاكُها؛ فما بالك بِحُزْنِه على ما فاته مِن أجْرِ المجاهدين في سبيل الله؟!.. إنهم لم يحزنوا على فقرهم ليستمتعوا بالمال في دنياهم الفانية، ولم يحزنوا على ما فاتهم من غنائمِ الحرب؛ وإنما حَزِنوا على ما فاتهم مِن نِعَمِ الله في الآخرة على المجاهدين في سبيل الله؛ فكلُّ ما أصابهم من ظمَإٍ أو نصبٍ أو مَخْمَصَةٍ في سبيل الله، وكلُّ مَوْطِءٍ لهم يغيظ الكفَّارَ، وكلُّ نيلٍ ينالونَه مِن عَدُوِّ اللهِ وعدوِّهم، وكل نفقةٍ صغيرةٍ أو كبيرة، وكلُّ وادٍ قطعوه: فهو عملٌ صالحٌ مكتوبٌ لهم في دارِ الجزاء؛ فأولئك الفقراءُ حزنوا على فوات هذه الحسنات العظيمة التي ادَّخرها الله للمجاهدين في سبيل الله.. إلا أنَّ الله سبحانه وتعالى بشَّرهم بأنَّ الحسنات في دار الجزاء مُدَّخرةٌ لهم؛ ففي صحيح البخاري: عن أنس، وفي صحيح مسلم: عن جابرٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال عنهم: إنَّالمدينة أقواماً ما قطعَتُمْ وادياً، ولا سِرْتم سيراً إلا وهُمْ معكم.. قالوا: وهم بالْمَدِيْنَةِ؟!!.. قال صلى الله عليه وسلم: نعم.. حَبَسهم العذرُ.. وفي حديث جابر رضي الله عنه التصريحُ بأنَّ (وهُمْ مَعَكُمْ ) بِمَعْنَى أنهم شركاؤهم في الأجْرِ؛ وهو في مسندِ الإمام أحمد، وفي صحيح مسلم، وفي سنن ابنِ ماجَهْ.. وفي مُخْتَصَرِ السيرةِ لابن هشامٍ الثِّقَةِ، وليس هو مُعاصِرَهُ ابنَ هشامٍ الحِمْيريَّ الكَذوب.. قال محمدُ بنُ إسحاقَ رحمه الله تعالى: (( في سياق غزوة تبوك: ثم إنَّ رجالاً من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهم البكَّاؤون؛ وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف [وَهُمْ:] سالم بن عمير، وعلية بن زيد أخو بني حارثة، وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن الحمام بن الجموح أخو بني سلمة، وعبدالله بن المغفل المزني.. وبعض الناس يقول: بل هو عبدالله بن عمرو المزني، وحرمي بن عبدالله أخو بني واقف، وعياض بن سارية الفزاري؛ فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أيْ طلبوا منه أنْ يَحْمِلَهم]؛ وكانوا أهل حاجة؛ فقال [ صلى الله عليه وسلم ]: {لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}.
قال أبو عبدالرحمن: وجاء في الآية الكريمة الإيماءُ بأنهم نصحوا لله ورسوله، والناصح لله ورسوله هو مَنْ يُؤْثِرُ حَقَّ اللهِ ورِضاه، ويُؤْثرُ ثواب الله في الآخرةِ على كلِّ أعْراضِ الدنيا.. وفي جامعِ سفيانَ الثوريِّ ( الكبير جداً، والنفيسِ جِدّاً الذي لا يوجد منه سوى وُريْقاتٍ قليلة، وتَغَنَّى به علماءُ المسلمين، وأُغْرِموا به أيَّ إغْرام): عن أبي ثُمامةَ رضي الله عنه بسندٍ حَسَنٍ: أنَّ الحوارِيِّينَ قالوا لعيسى عليه السلام: يا رُوحُ اللهِ: أخْبِرنا عن الناصح له؟.. قال: الذي يُؤْثِرُ حَقَّ الله على حق الناس؛ وإذا حدثَ له أمْران، أو بدا له أمْرُ الدنيا وأَمْرُ الآخرة: بدأ بالذي للآخرة، ثم تفرَّغَ للذي للدنيا.
قال أبو عبدالرحمن: هذا أثَرٌ عن أهل الكتابِ يُسْتأنَسُ به؛ وهو صحيح المعْنى ولو لم يَرِدْ ذلك الأثر؛ لأن النُّصْحَ لله ولرسوله الواردِ في الآية الكريمةِ لا يُفْهم منه غيرُ هذا المعنى: إيْثارِ حَقِّ الله ورِضاه، وإيثارِ نعيمِ الآخرة، ثُمَّ بعدَ ذلك الإيماءُ بأنهم محسنون.. وبمُقْتَضَى صفةِ ربي الكريم أنه شكورٌ حميدٌ؛ وبما أنه جَلَّ جلالَه جَعَل طاعةَ الشرعِ حَسَبَ حُرِّيةِ الْـمُكلَّفِ واختياره، ولا يحاسِبُه إلا بمِقْدارِ ما يملِكه من حريةٍ واختيار: كان جلَّ جلالُه يشكر لعبده امتثالَه الشرع، ويحكم له بأنه محسن، وأخبر سبحانه أنه يأخذ الصدقات وهو الْـمُنْعِمُ المُتَفَضِّل.. سبحانه ربي لا إله إلا هو الغني الحميد.. أتدرون ما السِّرُّ في ذلك؟!.. السِّرُ بِمُقْتَضَى أنه الحميدُ الشكور جعَل امْتِثالَ العبادِ شرعَ اللهِ بما مَلَّكَهُمْ الله من حُرِّية واختيارٍ إحساناً، وقرضاً حسناً؛ لِيُرَغِّب عبادِه في اشترائِهم رِضاءَ ربِّهم؛ وإنَّ مِن عباد الله مَن يُقادونَ إلى الجنة بالسلاسل؛ لينقذهم مولاهم من النار.. قال سبحانه وتعالى: {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [سورة النساء/147]..والْمِنَّةُ التي هي لله وحده: أنَّ الله هو الذي هداهم للإيمان، ولولا الله ما اهتدوا؛ فلله الحمد في الأولى، وله الحمد في الآخرة، وله الحمد أبداً ودائماً كما هو الحيُّ القيوم الدائم؛ لأنه سبحانه وتعالى هداهم هدايةَ البيان والإيضاح؛ فرزَقهم فهْمَ شرعِ ربِّهم على مرادِه، وجَعَلَ منهم هدايةً لغيرهم ولا سيَّما عوامُّ المسلمين، وهدى هدايةَ التوفيق والإعانة والتثبت مَنْ صدق إيمانُه بابتغاء الحق والتجرُّدِ عن الأهواء، وجعل لعوامِّ المسلمين خصوصَ رحمةٍ بهم؛ فَثَبَّت إيمانَهم بعد سُؤالهم أهل الذكر حتى تَمَنَّى من ابتلعتهم أعباء الجدلِ والتَّفلْسُف إيماناً كإيمانِ العجائز.. لقد منح الله الْمُصطفَيْن من عباده صِدْقَ الإيمان وثبوته مِن غير عملٍ سابقٍ منهم؛ بل بعلمه سبحانه سرائرهم، وما تنتهي إليه أحوالُهُم وَفْقَ ما فطرهم عليه من الخير.. وهدى هدايةَ التوفيق قوماً سبقتْ منهم طاعاتٌ لربهم؛ فكانت الهدايةُ جزاءً لهم، والطاعةُ تجرُّ إلى طاعة.. ورحم قوماً آخرين أبكتهم ذنوبُهم، واشتَدَّ وجلهم، ولم يهنأ لهم عيش، وهم على ذِكرٍ دائم لِلِقاءِ ربِّهم؛ فرحمهم ربهمفآمن روعهم في دنياهم، وتوالتْ عليهم البشرى مِن لمَّاتِ الملائكة عليهم سلام الله وبركاته في حياتهم، ورؤياهم في منامهم، وفي قبورهم، وعند الفزع الأكبر، وهم على علمٍ دائم بأنهم مخلوقون لأمر عظيم.. وطَلَبَ مِن عبادِه أنْ يُقْرِضوه قرضاً حسناً ببذلهم على الفقراء والضعفاء، وضرب المثل لعباده بما تُطِيقه عقولُهم من كون ما عنده لا يَنْقُصُ منه شيئ إلا كما ينقص المخْيطُ من البحر، ونوَّرَ قلوبَ المؤمنين بأنَّ ما عند الله لا ينقص منه مخيطٌ ولا أدْنى منه؛ لأنه لا عَدَمَ عند ربي، بل إذا أراد، وقدَّر معدوماً بأنْ يكونَ شيئاً - أي تَتَعَلَّق به المشيئة -: فإنما يقول له: كُنْ؛ فيكون.. وما عند الله من نعيم أو عذابٍ في الآخرة لا ينفد أبداً، فهو يتجدَّد بلا نهاية؛ لأنَّ ربي سبحانه الحيُّ القيوم الدائم الفعَّال لما يريد، وكل حُذَّاقِ العلماء مِن الْـمُسْلِمِين على يقين: بأنَّ مُقْتَضَى أنَّ الله (الحيُّ القيومُ الدائم الفعَّالُ لما يريد ): أنه يُحْدِثَ ما أرادَه بلا انقطاعٍ ولا نهاية؛ لأنه جل جلاله غيرُ مُعَطِّل عن إحداث ما يريده طرفةَ عين؛ بل هو الفعَّالُ لما يريد، وكل يوم هو في شأنٍ، ولا يَشْغَلْه شأنٌ عن شأن، وهو سريع الحساب، ولا تَخْتَلِطُ عليه اللغات؛ وبمُقْتَضَى أنه (الملك) سخَّرَ ملائِكةً حفظة عليهم سلام الله وبركاته، يكتبون ما يريد، ويَحْفَظُونَ سَجِلَّاتٍ بنيات العباد وأقوالهم وأفعالهم، ولكنَّ الحيَّ الْقَيُّوْمَ المهيمن الذي لا تأخذه سنةٌ ولا نوم، ولا يعزبُ عن عِلْمِه مثقال ذرَّةٍ في الأرض ولا في السماءِ: أخبر عن نفسه: أنه لم يكن غائباً عما في سجلات النيات والأقوال والأفعال، وأنه سريع الحساب.
قال أبو عبدالرحمن: وبقي مِمَّا وصفْتُه بالقليل الأقلِّ مِمَّا كان عليه عباد الله من حُبٍّ أو حُزْنٍ: أنَّ منهم مَنْ قد يَعْرِضُ له حُبَّ ما نُهي عن حُبِّه كالذين تَلَكَّؤُا عن حب الجهادِ وكانوا يتمنونه قبل ذلك؛ فعَفا الله عنهم، ولم يَعْفُ عن الْمُنافقين صُرحاءِ النفاق.. وبما أنَّ الحبَّ والبغْضَ كما أسلفتُ ذلك كثيراً لا يَسْتَأذِنُ القلوبَ: إلا أن الله سبحانه وتعالى جَعَلَ بتدبيره الكوني لقلوب عبادِه المؤمنين قدرةً على مُقَاوَمِةِ ما يبغضه الله، وعلى ما لم يرده لعباده.. وبيان ذلك مِن آياتٍ كثيرة منها قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [سورة الحديد / 22-23].. قال عكرمة رحمه الله تعالى بسندٍ صحيح عنه موقوفٍ عليه - وهو الأصحُّ - وجعله ابن أبي شيبة مِن كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً عليه -: (( ليس أحَدٌ إلا وَهُوَ يفرَحُ ويحزن، ولكنْ اجعلوا الفرحَ شُكْراً، والحزنَ صبراً )).. والمُحَقَّقُ عندي: أنَّ هذا الخبرَ صحيح المعنى؛ لأنَّ الصبرَ على الْحُزْنِ يكونُ بحضورِ مانعٍ من القلْبِ يَدْفَعُ جِماحَ الفرحِ؛ فَيَسْتَحْضِرُ الخوفَ في قَلْبِهِ مِن أن يكونَ ما فَرِح به استدراجاً يُوْبِقُهُ؛ وحينئذٍ لا يَسْتَقِرُّ في القلب فرحٌ مع وجود دافِع الخوف.. قال الإمامُ الجَهبذُ ابن كثيرٍ رحمه الله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ٍ} : أي أعلمناكم بتقدُّم عَلْمنا، وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها؛ لتعلموا أنَّ ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، فلا تأسوا على ما فاتكم، فإنه لو قُدِّر شيئ لكان: {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}.. أي جاءكم؛ ويفسر {آتَاكُمْ}: أي أعطاكم وكلاهما متلازم.. أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم؛ فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدِّكم؛ وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم؛ فلا تتخذوا نعم الله أشراً وبطراً، تفخرون بها على الناس; ولهذا قال تعالى:{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.. أي: مختالٍ في نفسه متكبر فخور؛ أي على غيره)).
قال أبو عبدالرحمن: وذيول هذا البحثِ طويلةٌ، اَدَّخِرُها للمجلَّدِ الأول من كتابي ( الأعمالُ الكاملةُ)، وحسبي ما أَلْـمَمْتُ به الآن.. والآيتان الكريمتان عن تقديرِ اللهِ ما هو كائنٌ قبل خَلْقِهِ السموات والأرض بخمسين ألفَ سنةٍ؛ وهو حديث صحيح، وينبغي أنْ لا يَنْسَى الْمُحَقِّقُون أنَّ سبحانه وتعالى في ذلك الوقتِ الذي قَدَّر فيه ما هو كائنٌ: كتبَ على نفسه الرحمة، وأنَّ رحمتَه تسبق غَضَبه، وأنه فَعَّال لما يريد، وصِفَتُه الثبوتية اللازمة سبحانه وتعالى: أنه وَسِعَ كل شيئ رحمةً وعلماً، وأنه ليس بظلَّامٍ للعبيد، وأنَّه أَعْذَر إلى عباده بهدايتِه الشرعيةِ والكونية؛ فلم يَهْلَكَ إلا مَنْ أبى، وكان عَبْدَ هواه، وآثر الدنيا وزينتها.. ولا يُضِلُّ الله إلا مَنْ أبَى بَعْدَ أن استيقَنَ الحقَّ؛ فجحدَه، ولم يُطِعْ إلا هواه بشهواتٍ دنيئةٍ، وشهواتٍ غَضَبية؛ فإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.