د. صالح بن سعد اللحيدان
موازين اللغة هي الأصول التي يُعرف من خلالها معاني الأسماء.. واللغات ومرادف الأسماء ليصل العالم والباحث إلى مراده مما أراده منها ليبني على كل قول من: نظرٍ وبحثٍ ورأيٍ وكل ما يهدف إليه ليبني الفهم الذي يريده سعياً للفائدة المرجوة.
ولهذا لا يمكن الاستغناء بحالٍ عن هذه الموازين ولو قال من قال ما قال، وإذا كان الصرف باباً مهماً فكذلك الحال لموازين اللغة.
وإذا كان لا يثبت الحديث أبداً إلا بصحة السند قطعاً فكذلك.. اللغة..
من أجل ذلك فاللغة لا يمكن تركها هكذا يكتب عنها ويؤلّف ويتحدث ويناقش كل أحد ولهذا خلال العهود المتطاولة من سنة 70 هـ حتى 500 هـ قام العلم وقامت اللغة بذات مسار لا يحيد حتى ظهر (التنوّع الإضافي) الذي يسببه.. فضلاً من الله تعالى.. ظهرت الإبداعات الإضافية التي لم تكن من قبل.
هذا أمر.. لا جرم.. معلوم من حال اللغة بالضرورة ناهيك أنها أمانة يقوم عليها الوحي المنزل وما صح من السنة المباركة.
وحتى يتبيّن خلل يرونه هيناً وهو ليس بهيّن، بل هو عظيم أُوردُ شيئاً في هذا الجزء من «المعجم» عبر (مجلة مرموقة جليلة) لندرك معاً كم هو الخلل قد حصل:
يُرددُ بعضُ الكتاب.. والوعاظ.. والمحاضرين مثل:
أ- أسفتُ/ بفتح السين.
وهذا خلل إنما ذلك بكسرها بمعنى الاعتذار.
ب- الآمدي/ الإمام المعروف هناك من يكسر الميم وإنما أصل ذلك ضمها (الآمُدي).
ج- الآجري/ الإمام المعروف فهناك من يضم الجيم ويخفف الراء.
وإنما ذلك بتشديد الراء مكسورة.
د- وفديناه بذبح عظيم/ فهناك من يقرأ هذه الآية بفتح.. الذال.. وتسكين الباء..
وإنما ذلك بكسر الذال.. وصحيح تسكين الباء.
هـ- إلا من اغترف غُرفةً بيده/ فهناك من يفتح (الغين) والصواب بضم الغين وتسكين الراء.
و- العالية.. والعلو../ فهناك من يُشرك بينهما وقد جرى هذا من أحد العلماء، فالعالية نسبة إلى مكانٍ أو السطح العالي أو الغرفة أو تضاف إلى شيء معين فيقال مثلاً:
الدرجة العالية.. أو المنزلة العالية.
أما (العلو) فهو مُطلق الارتفاع ولا يحسن بأحدٍ الخلط هنا وذلك لاختلاف المعنيين.
ز- السنة.. والعام/.. فهناك من يوردهما هكذا ويضع هذه مكان تلك وهذا في العموم الغالب خطأ. ذلك أن دلائل اللغة.. والأسماء والأوصاف لا تُعطي مكان الاتفاق بينهما.
وفيصل هذا أن:
العام/ غالباً يكون للخير.
والسنة/ غالباً تكون لقحط.. أو فقر.. أو مرض.
ولهذا يقع كثير من خطباء الجوامع والباحثين والكتّاب في دائرة ما لا يجب أن يكون.
ح- المقدس/ بضم الميم.. وفتح القاف فقد قرأت وسمعت إطلاق هذا الوصف على أماكن خلا بعضها من (القداسة) ولم يرد فيه نص صحيح وقد عبت كثيراً على من ألتقيه وينطق بمثل هذا مثل:
قُم المقدسة.
كربلاء المقدسة.
النجف الأشرف..
إلخ..
وهذا الوصل يعتريه الكذب قصداً من قائله وكاتبه، وقد يدعو الجهال فعلاً إلى التبرك وقصد الزيارة فيقع في الشرك.
والمراد (بالمقدّس) المنزه من كل عيب والمنزه من كل نقص - وهذا يحتاج إلى دليل منزل، ولا دليل.
ط- البغاة.. البغاث/ هناك خلط مُسف بينهما لكنه خلط مشكلته أنه يقع من بعض من ألومه وبيان هذا ما يلي:
البغاء/ هم أهل البغي الخوارج.
وأما (البغاث) فهذا وصف للكثرة مما لا نفع فيه أو قوة.. أو منظر، كما تقول: (بغاث الطير، مثلاً.
ي- الطاهر.. الطهور/ حقيقة الأمر أنه لا فرق بينهما لكن الفرق يتبيّن بالوقوف على المعنى.
فالطاهر/ وصف مطلق يوصف به الرجل النزيه.. أو الأمين.
ويوصف به السكن بيت طاهر.. منزل طاهر، ثوب طاهر إذا أردت ما يُلبس وقس على هذا.
أما الطهور على وزن.. فعول.. فهو وصف مستقر يوصف به ما يمكن استعماله غالباً فيقال: الشراب طهور.
ويقال: الماء طهور.
لكن لا يقال: البيت أو: الثوب.. أو: التراب طهور إنما «طاهر».
ومشكلة هذا أنه مشكلة فلست أدري؟
ولا أظنني أدري كيف يكون جعل شيء مكان شيء آخر.. والمراد مختلف؟
لكن الذي أدريه أنه من ضرورة حال العلماء وطلاب العلم التنبه إلى دلائل اللغة ومرادفاتها وما يدل عليه اللفظ من معنى دون آخر.