د. محمد عبدالله العوين
ضربة معلم وتفوق مثير للإعجاب والثناء للاستخبارات السعودية بسقوط الإرهابي «أحمد إبراهيم المغسل» مواليد القطيف 1967م في يد الأمن السعودي بعد متابعة ومطاردة قاربت عشرين عاما!
قصة الحدث الإجرامي الذي هز المنطقة الشرقية على الأخص والمملكة بعامة؛ بل العالم كله 25 يونيو حزيران 1996م الموافق 9 صفر 1417هـ أصبحت ذكرى مؤلمة سيئة لا يمكن أن تنسى وجاءت بعد حادثة مشابهة وقعت قبل أشهر في شارع الثلاثين بالعليا بمدينة الرياض استهدفت مقر البعثة الأمريكية التعليمية لتطوير الحرس الوطني بتاريخ 20 / 6 / 1416هـ الموافق 13/11/1995م وكأن الجماعتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا الأجانب في المملكة ثم استهدفتا لاحقا رجال الأمن السعوديين تعملان بتوجيه من مرجعية واحدة ووفق خطة واحدة ويسعيان لهدف واحد؛ وإن اختلف انتماؤهما الطائفي والمذهبي؛ فمجرمو الخبر شيعة ومجرمو العليا بالرياض سنة؛ إلا أنهما يحققان بإجرامهما هدفا واحدا لا يخفى على أحد.
ليس من وظيفة هذه المقالة الموجزة أن تقف على تفاصيل ذلك الحدث أو حتى تسعى إلى تأكيد الربط الخفي المستتر بين الجماعات التي تتحارب في الظاهر ويغتال بعضها بعضا ويفجر بعضها بعضا؛ فقد لا يعلم أطراف هذه الجماعة النسق الخفي الذي يربطها بتلك الجماعة؛ إلا أن من بيده خيوط مسرح العرائس يعلم تماما متى يحرك هذه ضد تلك أو العكس؛ فإيران تؤوي القاعدة وتعالج في مشافيها - كما ثبت بشهادة شهود على موقع «يوتيوب» - مقاتلين دواعش؛ ولكنها أيضا تحرك عملاءها في العراق وتدعمهم لمحاربة داعش، وتحرك القاعدة في اليمن وتدعم الحوثيين وكلاهما عدو لبعض في الظاهر، وتدعم متطرفي القطيف، ومنهم المدعو «أحمد المغسل» وجماعته وتهيئ الفرصة وتقدم الدعم اللوجستي الخفي لتفجير حسينيات في المنطقة الشرقية على أيدي دواعش؛ من أجل تأجيج نار الفتنة بين الطوائف، وهو منهجها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولم يعد خافيا على أي متابع سير مثل هذه الجرائم في السنوات العشرين الأخيرة على الأخص, وهذا النهج ليس إيرانيا خالصا؛ بل هو أسلوب قذر تتبعه الاستخبارات البريطانية طوال تاريخها الطويل الأسود لإشعال وقود الحروب بين الجيران أو الطوائف، وقصة تشريك المساجد أو الحسينيات أو تفجير التجمعات الدينية من قبل المخابرات البريطانية إبان الاحتلال الأمريكي للعراق ليست جديدة؛ بل هي مرصودة كوقائع تاريخية دامية.
الأبرز في قراءة أهم حدث خلال الأسبوع المنصرم وما تحقق من نصر مؤزر للاستخبارات السعودية بالقبض على الإرهابي «أحمد المغسل» بعد تتبع دقيق لم يبعث الملل أو اليأس في نفوس أبطالنا البواسل رجال الأمن؛ أن القاتل يحمل رائحة جريمته مهما ابتكر من حيل التخفي أو أشكال التزييف أو طال به الزمن وبعدت الحادثة عن ذاكرة الأمن أو الناس - كما يتوقع - فهذا المغسل الذي غسلت إيران دماغه وأوهمته بأن خطتها محكمة التنفيذ والهروب ثم اللجوء؛ لم تستطع أن تكمل حبك السيناريو ولا إتمام قصة خداع عملائها والعالم بنجاح؛ فيا طالما نفى زعماء إيرانيون أية صلة لها بجريمة تفجير أبراج الخبر أو استهداف أمن المملكة؛ وكأنها لم ترتكب حماقاتها في مكة المكرمة عام 1407هـ ولم يكن لها يد في تفجير نفق المعيصم 1409هـ ولا في ما أدخله حجاج إيرانيون عام 1406هـ من متفجرات كانت يمكن أن تحدث مجزرة دموية في قاصدي بيت الله بما يزن 50 طنا من الديناميت شديد الانفجار!
وقد أنكر نظام الأسد وجود «جعفر شويخات» المشارك في جريمة الخبر لديه وادعى انتحاره في سجنه بصابونة غسيل، كادعاء النظام الإيراني انتحار مهندس التفجير «أحمد المغسل» وتوارى بقية المطلوبين للعدالة إلى الآن، وهم: عبد الكريم حسين الناصر، وعلي سعيد الحوري، وصالح محمد اليعقوب، وربما كانوا تحت طاقية التخفي الإيرانية التي ستنكشف بعد أن سقط «المغسل» لينشر بقية الغسيل الإيراني ضد المملكة والمنطقة العربية.