د. محمد عبدالله العوين
يجر حزب الله لبنان إلى الدخول عنوة في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر؛ ربما تكون أكثر عنفا ودموية وخرابا وألما من الحرب في سوريا!
وما تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية سنة ونصف تقريبا، وتعطيل عمل حكومة تمام سلام بالانسحابات المتكررة عند التصويت على أي قرار أو امتناع ثلث الأعضاء عن الحضور إلا رغبة من حزب الله والمنضوين معه كحركة أمل والتيار الوطني الحر برئاسة ميشيل عون في إفشال «الدولة» اللبنانية لإسقاطها والدخول بلبنان إلى مرحلة الفوضى التي تسمح لحزب الله ولسوريا من جديد بالقفز على السلطة واحتلال سرايا القصر الجمهوري وتقاسم منافع الهيمنة والسيطرة مع الشركاء «التيار العوني» المسيحي المتصلب والتيار الآخر الشيعي الشريك في كل مهمات التطهير المذهبي والعرقي لجميع من يعارض استبداد عملاء إيران، وأعني بالشريك «حركة أمل» وقائدها «نبيه بري» رئيس مجلس النواب الآن الملوثة يداه بدماء اللبنانيين السنة والفلسطينيين على السواء؛ إذ هو أحد مهندسي مجازر صبرا وشاتيلا وتهجير المخيمات الفلسطينية بالتنسيق مع إسرائيل عام 1982م حين اجتاح الصهاينة بيروت في ذلك الوقت، وهو أيضا مسئول مسئولية مباشرة عن إراقة دماء الدروز والمسيحيين من أحزاب أخرى كانت تختلف معه إبان الحرب الأهلية التي دامت خمسة عشر عاما وسبعة أشهر 1975م- 1990م.
وحين نتحدث عن «حزب الله» وقائده العميل «حسن نصر الله» فإننا نتحدث بصورة مباشرة عن «إيران» وإن لم يأت ذكرها مباشرة في سياق هذا الحديث؛ فهي من تدير سوريا ونظامها الطائفي العنصري، وهي من أنشأت حركة أمل وحزب الله ومن يمولهما، ومن يمول ويدعم الحركات المسيحية المارونية الأخرى التي تقف مع حزب الله وأمل مثل «تيار المردة» لآل فرنجية، و»التيار الوطني الحر» لميشيل عون والذي رشح قبل يومين صهره جبران باسيل لرئاسة الحزب كوجه سياسي شاب.
لقد أراد تجمع 8 آذار الموالي لإيران وسوريا والذي يقوده «حزب الله» الوقوف في وجه تجمع 14 آذار الذي يريد أن ينأى بلبنان عن التجاذبات السياسية الدولية أو الأيدلوجية، ويمثله تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري، والحكيم سمير جعجع قائد حزب «القوات اللبنانية» وأمين الجميل قائد حزب «الكتائب».
وليست تسميات الأحزاب والتيارات الشيعية مهما اختلفت لافتاتها إلا طموحا لفرض هيمنة عنصرية وأيدلوجية إيرانية تتقنع بالتمذهب الشيعي - أحيانا - للتوسل به إلى الوصول إلى فرض سيادتها الفارسية عن طريق وكلائها على المنطقة.
والحق أن التشيع في منطقة الشام لا يمثل الأغلبية؛ ولا يمكن أن تهيمن الطائفة الشيعية على لبنان وسوريا مهما بلغ الدعم الإيراني وتسحق تحت تسلطها كل الطوائف الأخرى التي تتقاسم الوجود والنفوذ والتاريخ والتأثير دون اعتبار لها؛ كالسنة الذين يمثلون النسبة العظمى والمسيحيين على اختلاف طوائفهم والدروز والتركمان والسوريان والأشوريين وغيرهم.
لا تمثل أزمة النفايات أو انقطاع الماء أو الكهرباء عن الأحياء وتسيد السوق السوداء لإيصال هاتين الخدمتين إلى اللبنانيين إلا وسيلة من وسائل الضغط البعيدة التي يريد من ورائها حزب الله ورئيسه المقاوم حسن نصر الله تحشيد اللبنانيين أمام سراي قصر الرئاسة لإسقاط حكومة تمام سلام؛ وكأن الناس هم الذين أسقطوا الحكومة لفسادها وعجزها ؛ بينما أن لا أحد من المدركين يشك أن من سعى لإسقاط الحكومة وإشعال فتيل الفوضى بسبق ترصد وتخطيط هو حزب الله ومن لف لفه، بمعنى أن فساد الحكومة أو ضعف أدائها وتأليب بعض وسائل الإعلام المنتسبة إلى الفرس كقنوات المنار والعالم والميادين أو المنتمية إلى العونيين كقناة الجديد هو أمر مخطط له.
وحتى لو لم تسقط الحكومة أو يقدم تمام سلام استقالته؛ فإن حزب الله قد يقدم على احتلال سراي القصر الجمهوري بتواطؤ مع بعض ضباط الأمن ومع التيار الوطني الحر وحركة أمل؛ كما فعل عام 2008م، وللحديث بقية.