د. عبدالواحد الحميد
تتجلى أهمية المجالس البلدية ليس فقط في ما قد تنجزه في المدى القصير وإنما أيضا في ما هو مأمول منها في المدى الأبعد، وتحديداً في تكريس مبدأ المشاركة وثقافة الانتخابات.
ففي هذه التجربة الثالثة للمجالس البلدية في المملكة، رأينا بعض التطور الذي برز من خلال إتاحة الفرصة للمواطنة السعودية لترشيح نفسها لعضوية المجلس، كما رأينا توسيع بعض صلاحيات المجلس نفسه.
ومن المؤكد أن هناك مساحة كبيرة للتطوير وبخاصة في مجال الصلاحيات التي يمكن توسيعها وتعزيزها بحيث يكون لهذه المجالس البلدية أدوار ملموسة تفوق التجربتين السابقتين. ولكن، برغم ذلك فإن كون هذه المجالس تتطور فذلك يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح حتى وإن كان الطموح أكبر.
لقد استطاعت المرأة السعودية في العقود الأخيرة تحقيق نجاحات مبهرة عندما أتيحت لها الفرصة أن تتعلم وأن تعمل. فهي الآن طبيبة واستاذة جامعية وسيدة أعمال ومعلمة وعالمة متخصصة في مختلف حقول العلم. كما أنها أثبتت قدراتها كقيادية رفيعة المستوى في العمل الحكومي وفي المؤسسات المالية والبنكية وفي شركات القطاع الخاص وكعضوة في مجلس الشورى. واستطاعت تحقيق كل ذلك رغم المعوقات الاجتماعية الكثيرة التي حرمتها لمدة طويلة من الزمن من فرصة التعلم والعمل. وهاهي الآن تدخل المجالس البلدية ليس كناخبة فقط وإنما أيضا كمرشحة لِتُسْهِم في بناء وطنها بقدر المساحة المتاحة لها.
ومن المؤكد أن فكرة المشاركة، بحد ذاتها، سواء من قبل المواطن أو المواطنة وتحمله المسؤولية كناخِب وكمُنتَخَب، يعزز الأمل في بناء مجتمع مدني مدرك لحقوقه وواجباته.
أما هل ستُحقق المجالس البلدية في المدى القصير النتائج التي يتطلع إليها المواطن فذلك مرهون بما سوف يُتاح لها ـ على الأرض ومن الناحية الفعلية - من صلاحيات. لذلك فإن المأمول والمتوقع من السلطة التنفيذية، متمثلة في الحكومة، إتاحة الفرصة لهذه المجالس كي تسهم بفاعلية في تنمية مجتمعاتها المحلية وألا تكون مجرد جهاز صغير ملحق بهذه السلطة التنفيذية.
وفي كل الأحوال، تظل هذه التجربة في بداياتها، لكنها حتى في حدودها الدنيا وحتى في المدى القصير تحمل الكثير من الإيجابيات، وهي في المدى الأبعد أحد رهانتنا على مستقبل مشرق لهذا الوطن إن شاء الله، فليتنا جميعاً نشارك في إثراء هذه التجربة ونذهب إلى مراكز الاقتراع.