د. محمد البشر
منطقتنا العربية أضحت محور الإعلام العربي، لما يقع فيها من أحداث إيجابية وسلبية، لم يكن لها لتقع لولا التباين بين الاستقرار في بلاد بعينها، وأخرى لم تذق طعم الاستقرار، بعد أن عصفت بها رياح الخريف العربي، وهكذا هي أحوال الدول كما هي أحوال الناس، أو هي كما قال الرندي الأندلسي، في بيت من قصيدته المشهورة المعلومة لدى أغلب من تذوق طعم الشعر المقفى واستساغه:
هي المور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
ولأن منطقتنا صاحبت الأحداث الجسام في هذا العالم إن لم تكن أوحده، فإننا نلمس في أسبوع واحد فقط، وقوع وقائع إيجابية، تعود بالخير والنفع على الأمة العربية والإسلامية، وهي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للولايات المتحدة الأمريكية، وما تحمله من معاني تصب في مصلحة استقرار المنطقة سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، ولا غرابة في ذلك، فقد كانت العلاقات بين البلدين دائماً إيجابية، منذ اللقاء المشهور بين المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد، وبين الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت، حتى وإن قال قائل إن تلك العلاقة شابتها بعض الشوائب في أوقات وحول أحداث معينة، فنقول إن ذلك صحيح، فإن التعاون على قواعد راسخة لا يعني التوافق حول مجمل القضايا، وهذا حدث ويحدث وما زال يحدث بين الدول الحليفة والصديقة.
وهذه الزيارة المباركة، حققت نتائج تتعلق بالتعليم، والصحة، والمشاركة في البنية التحتية، وتجارة الجملة والتجزئة للدول الأجنبية لتسويق منتجاتها، وغير ذلك.
وفي الأردن حدث إيجابي، يتعلق بتوزيع الدوائر الانتخابية، وأساليب الانتخابات، بما يدل على تحقق تطور نوعي، كان مطلباً شعبياً حققته الدولة لأبنائها.
وفي هذا الأسبوع أيضاً، كشفت الانتخابات المغربية عن تطبيق الدستور المغربي الجديد، فيما يخص الانتخابات الجهوية والبلدية، والتي أسفرت عن نتائج بعضها متوقع، والبعض الآخر غير متوقع، ففي الوقت الذي فاز فيه حزب العدالة والتنمية بمعظم المقاعد الجهوية، في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، وفاس، والرباط، واكادير، نجد أن حزب الاستقلال يتقهقر، ويفقد مدينة فاس، مرتع حزب الاستقلال وناصيته التي لا تفارقه، لا سيما أن رئيس الحزب الحالي، الأخ شباط ومعاونيه مثل الأخت الدكتورة كانزا، لم يستطيعوا الصمود في وجه قوة حزب العدالة والتنمية، وربما كان للانقسام الذي حدث في الحزب، أثناء الانتخابات، وداخل الحزب بين المجموعة المتربعة على كرسي رئاسته من آل الفاسي، بدءاً بعلال الفاسي رحمه الله، وانتهاءً بالأخ رئيس الوزراء السابق عباس الفاسي من جهة، وبين مجموعة شباط ومعاونيه، ربما كان لذلك التنافس الأثر في خسارة الحزب مكانته في تلك المدينة العتيقة، وربما يكون عزاء شباط وكانزا فوزه وفوزها بمقاعد بلدية في جهات فاس، وأيضاً نجد صعود حزب الأصالة والمعاصرة وانحسار تأثير الحزب الاشتراكي.
أما الأحداث السلبية والمؤلمة، التي وقعت في ذات الأسبوع، فهي فقد المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، فلذات أكبادها، من خلال تفجير مخزن للأسلحة بواسطة صاروخ غادر، وصل عرضياً إلى مكان تواجدهم، ولكن ذلك لم يثن المملكة العربية السعودية، وخلفها دول التحالف، من مواصلة مسيرة السعي لإسعاد أبناء اليمن، بل والدفع بمزيد من الثبات والإصرار لتحقيق هذا الهدف النبيل.
وحقاً إنه حادث جلل لكنها الحرب، وكل شيء متوقع فيها، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وزادهم عزة بأبنائهم الأوفياء.
وفي الأسبوع ذاته لم تخف روسيا دعمها للنظام في سوريا بالسلاح والعتاد، وقالت إنها لم تكن في يوم من الأيام تخف ذلك.
وفي الأسبوع ذاته قررت فرنسا إرسال طائرات استطلاع إلى سوريا، للأطلال على مواقع داعش، وقد تليها طائرات قتالية، أما بريطانيا فقد أرسلت طائرات دون طيار، واصطادت صواريخها بعض من أرادت اصطياده، ومنها داعشيين اثنين بريطانيين، وربما يتم المزيد بعد كتابة هذه السطور، ولعل غايتها ألا يعود هؤلاء الدواعش البريطانيين إلى بريطانيا بعد عودة الاستقرار إليها.
أما مشكلة اللاجئين فقد تفاقمت في ذات الأسبوع، وهزت مشاعر بعض الشعوب الأوروبية، كما تخوف من ذلك العدد الهائل دول أخرى، الأسباب واهية، مثل القول بتغيير الهوية الدينية والثقافية الأوروبية.
وهناك المزيد من الأحداث التي وقعت، لكن التزاما بالمساحة المتاحة للكتابة. أليس هذا أسبوعاً مليئاً جداً بالأحداث؟